نشرت ميدل إيست مونيتور مقالًا بقلم محمود حسن يرصد فيه ما آلت إليه مصر بعد اثني عشر عامًا على مظاهرات 30 يونيو 2013، مؤكدًا أن آمال المصريين لم تتحقق رغم الوعود الكبيرة التي أطلقها وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، والتي مهّدت لانقلاب عسكري أطاح بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، محمد مرسي، الذي تُوفي لاحقًا في السجن عام 2019.

تولى عدلي منصور رئاسة مؤقتة لعام قبل أن يفوز السيسي في انتخابات مايو 2014 بنسبة 96.91% وسط تشكيك في نزاهة العملية الانتخابية.

وعود اختفت وأحزان متكررة
   
أطلق السيسي وعودًا كثيرة مثل: "بكرة تشوفوا مصر" و"مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا"، لكن الواقع كان مختلفًا؛ فقد خيّم الدم والحزن على الذكرى الـ12 لمظاهرات 30 يونيو، بالتزامن مع وفاة 19 فتاة في حادث على طريق أنشأته شركات تابعة للجيش، هو "الطريق الدائري الإقليمي" الذي شهد 63 حادثًا منذ افتتاحه، أودى بحياة 116 وأصاب 470.

رغم فداحة الحادث، لم يُحاسَب أي مسؤول، واكتفى السيسي بإصدار توجيهات لتعويض أسر الضحايا ماديًا، في حين تجاهل إرسال مسؤولين لتقديم العزاء لأسر الفتيات العاملات في جمع العنب مقابل أجر يومي لا يتجاوز 130 جنيهًا.

اقتصاد ينهار وديون تتفاقم
   
تدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية بشكل حاد، إذ فقد الجنيه المصري قيمته من 7 جنيهات مقابل الدولار إلى نحو 50 جنيهًا.
وتضخّمت الديون الخارجية من 43 مليار دولار إلى أكثر من 155 مليارًا بنهاية 2024، بينما تلتهم فوائد هذه الديون 79% من إيرادات الميزانية.

استمر الاعتماد على الاقتراض وتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، مثل خفض الدعم وخصخصة الأصول وتعويم العملة، ما زاد من معاناة المواطنين.


تراجع عالمي ومكانة منهارة
تراجعت مصر عالميًا في عدة مؤشرات:

  • المرتبة 136 من 142 في "مؤشر سيادة القانون" لعام 2023
  • المرتبة 135 من 146 في "مؤشر السعادة العالمي"
  • المرتبة 84 من 88 في "مؤشر جودة الحياة" لعام 2024
  • المرتبة 170 من 180 في "حرية الصحافة" لعام 2025
  • المرتبة 130 من 180 في "مؤشر الفساد"

بينما احتلت المرتبة السابعة عالميًا في استيراد الأسلحة، والسادسة في عدد الصحفيين المسجونين.


دعم خارجي ومشاريع كبرى
   يقول أنصار السيسي إن 30 يونيو أنقذت مصر من حكم الإخوان المسلمين، ويستدلون بمشاريع ضخمة كمثلث العاصمة الإدارية الجديدة، وتوسيع قناة السويس، وبناء أكبر مسجد وكنيسة وأوبرا في المنطقة.
لكن صحفيين ومعارضين يرون أن هذه المشاريع لم تمنع اتساع رقعة الفقر، إذ يعيش أكثر من 60% من المصريين تحت خط الفقر أو بحاجة ماسة، بحسب البنك الدولي.

في المقابل، حصل النظام على دعم سخي من السعودية والإمارات، بما في ذلك قروض ومنح واستثمارات، مقابل تنازلات مثل جزيرتي تيران وصنافير، وإدارة الإمارات لعشرة موانئ مصرية، ومشروع رأس الحكمة.


حكم عسكري وهيمنة شاملة
   
عزّز الجيش قبضته على الاقتصاد والسياسة والإعلام والقضاء والرياضة، وأصبح المحافظون ورؤساء المدن والمجالس والشركات من خلفيات عسكرية أو أمنية.
واختفى تحالف 30 يونيو تدريجيًا، وخرج قادته من المشهد، بل وسُجن بعضهم، ثم أُفرج عنهم لاحقًا.


فقر متزايد ودولة "شبه" قائمة
   
ارتفعت الضرائب بنسبة 36%، وأصبحت تمثل 87% من إيرادات الدولة، وسط شكاوى شعبية من "حكومة جباية".
ورغم رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7,000 جنيه، إلا أنه بالكاد يعادل جرامًا ونصفًا من الذهب، وسعر كيلو اللحم بلغ 400 جنيه.

يُعد المصريون من بين الأقل دخلًا عالميًا، بمتوسط شهري لا يتجاوز 118 دولارًا، بينما يعيش أكثر من 11 مليون متقاعد تحت خط الفقر.

ورغم تعديل الدستور عام 2019 لمد فترة الرئاسة حتى 2030، لم تحدث انفراجة سياسية حقيقية. تُطلق الدولة أحيانًا سراح بعض المعارضين، لكنها تواصل حملات الاعتقال وتوسيع دائرة الاشتباه.

قال الناشط الحقوقي هيثم محمدين إنه انخدع بالمشاركة في 30 يونيو، لكنه انسحب سريعًا وأعلن رفضه الصريح للانقلاب.

وفي إحدى تصريحاته السابقة، اعترف السيسي قائلًا: "إحنا مش دولة حقيقية… إحنا شبه دولة"، وهو اعتراف يلخص ما آلت إليه البلاد بعد 12 عامًا من الفقر والتدهور".

https://www.middleeastmonitor.com/20250706-twelve-years-of-driving-egyptians-into-poverty/