في حادثة جديدة تجددت معاناة المصريين مع منظومة النقل، شهدت محافظة المنوفية، اليوم الاثنين 7 يوليو 2025، خروج قطار عن مساره بين مدينتي قويسنا وبنها بسبب عطل مفاجئ في إحدى عجلات العربة الثانية لقطار رقم 906 (VIP) القادم من الإسكندرية إلى القاهرة.

وعلى الرغم من توقف القطار وتأخير حركة القطارات في الاتجاهين، لم تسجل أي إصابات بين الركاب، وفقًا للهيئة القومية لسكك حديد مصر التي قدمت اعتذارها للجمهور عن التأخير الناتج عن الحادث، وتم استدعاء أوناش الرفع وفرق الطوارئ من الهيئة، وتمكنت بعد حوالي ساعتين من إعادة العربة إلى مسارها، وسط حالة من التكدس والتوتر بين الركاب، لا سيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة.

وقالت هيئة السكك الحديدية في بيان لها: "تعتذر الهيئة لجمهور الركاب عن التأخير الناتج عن عطل فني طارئ في إحدى العربات، وتؤكد أن فرق الصيانة تحركت فورًا لإعادة الحركة لطبيعتها، دون تسجيل أي خسائر بشرية."

 

حوادث يوليو الساخنة

لم يكن حادث قويسنا الأول من نوعه خلال شهر يوليو، بل سبقته عدة حوادث أخرى، ما يطرح تساؤلات جادة حول مدى كفاءة منظومة الصيانة والرقابة داخل مرفق السكك الحديدية.

في 4 يوليو 2025، تعرض قطار بضائع للتوقف المفاجئ بسبب كسر في القضبان بمحافظة بني سويف، مما أدى إلى تعطيل حركة القطارات على الخط الجنوبي لأكثر من ثلاث ساعات.

وفي 1 يوليو، أصيب 4 ركاب في حادث اصطدام جرار بعربة قطار متوقفة في محطة كفر الزيات، نتيجة خطأ في التنسيق بين برج المراقبة والسائق.

هذه الحوادث تكررت رغم تصريحات المسؤولين المتكررة عن "تطوير شامل" للقطاع، حيث كان قد صرح وزير النقل بحكومة الانقلاب العسكري المهندس كامل الوزير في مايو الماضي خلال إحدى جلسات مجلس الوزراء: "انتهينا من تحديث 70% من إشارات الخطوط، واستلمنا 1300 عربة جديدة ضمن صفقة مع شركة ترانسماش الروسية، ونسعى لتحويل السكة الحديد إلى قطاع آمن وحديث بحلول 2030."

 

أوجاع متكررة

منذ توليه حقيبة النقل في مارس 2019 بعد كارثة محطة مصر، ربط الفريق كامل الوزير بقاءه في المنصب بتحقيق طفرة شاملة في قطاع السكك الحديدية، ومع ذلك، فإن الوقائع اليومية، ومنها حوادث متكررة، وتأخيرات مزمنة، وتعطل القطارات، تضع مصداقية هذه الوعود على المحك.

وقد علق الخبير في شؤون النقل، الدكتور حسن مهدي، على تكرار هذه الحوادث قائلًا: "المشكلة ليست فقط في الجرارات أو العربات، بل في البنية التحتية المهترئة، والتنسيق بين مراكز المراقبة والسائقين، فضلًا عن ضعف الصيانة الدورية."

أما الناشط السياسي مجدي حمدان فكتب على حسابه الشخصي: "ما هو العدد المطلوب من الضحايا لإقالة الوزير؟ كل يوم كارثة جديدة ولا مسؤول يُحاسب!"

الهيئة القومية لسكك حديد مصر كانت قد أعلنت في تقريرها السنوي لعام 2024 أن:

  • إجمالي عدد الحوادث المسجلة بلغ 2048 حادثًا.
  • معظمها كان نتيجة أخطاء بشرية أو تهالك البنية التحتية.
  • تم تخصيص 55 مليار جنيه لتطوير القطاع حتى 2025.

رغم ذلك، تشير تقارير برلمانية إلى أن نسبة الإنجاز الفعلي لم تتجاوز 40%، وأن كثيرًا من الجرارات الجديدة لم تدخل الخدمة بعد، إما بسبب نقص الكوادر الفنية أو عدم جاهزية خطوط التشغيل.

يعاني ملايين المصريين يوميًا من مشكلات السكك الحديدية، إذ يعتمد عليها ما لا يقل عن 1.1 مليون راكب يوميًا، وفق إحصاءات وزارة النقل، وبينما تتحدث الدولة عن خطط طموحة تشمل القطار الكهربائي السريع ومشروع المونوريل، يبقى الراكب العادي حبيس عربات متأخرة، ومقاعد مهترئة، ومحطات بلا صيانة، وقطارات تخرج عن مسارها في لحظة.