تحوّلت زيارة إنسانية قامت بها المواطنة نجلاء فهمي إلى زوجها المعتقل داخل سجن بدر يوم 16 أبريل 2023 إلى بداية رحلة قاسية من الاحتجاز التعسفي والمعاناة الإنسانية، بعدما وجدت نفسها فجأة داخل الزنزانة بدلًا من غرفة الزيارة، في مشهد يجسد مأساة متكرّرة تعيشها العديد من الأسر.
فبحسب مصادر حقوقية وشهادات موثوقة من ذويها، أقدمت إدارة السجن على توقيف نجلاء داخل مقر الزيارة بدعوى محاولتها إدخال "ملابس عسكرية" إلى زوجها، وهو الاتهام الذي لم يُقدَّم بشأنه أي دليل مادي أو إثبات قانوني. ومنذ تلك اللحظة، انقطعت أخبارها لعدة أيام في ظروف وصفتها منظمات حقوقية بأنها إخفاء قسري متعمد.
تعذيب وإخفاء قسري
وخلال فترة اختفائها، أكدت مصادر قريبة من الأسرة أن نجلاء نُقلت إلى أحد مقار جهاز الأمن الوطني، حيث تعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي، شمل الضرب المبرح والصعق بالكهرباء، بهدف انتزاع اعترافات منها تتعلق باتهامات سياسية ملفقة.
وأشارت ذات المصادر إلى أن نجلاء كانت تعاني مسبقًا من مرض مزمن في القلب وتحتاج إلى متابعة طبية وعلاج دوري، إلا أن احتجازها في تلك الظروف فاقم وضعها الصحي إلى حدٍّ خطير.
حرمان من العلاج والزيارات
ورغم تدهور حالتها الصحية، فإن السلطات منعت عنها العلاج والأدوية داخل سجن بدر، وحرمتها من التواصل مع أسرتها أو محاميها لفترات طويلة. وبحسب أقاربها، فإنها لم تحصل على رعاية طبية مناسبة منذ أكثر من عام، في مخالفة واضحة للمعايير الدولية التي تضمن حق المحتجز في الرعاية الصحية والتواصل مع العالم الخارجي.
وقد وثّقت منظمات حقوقية عديدة أن سجن بدر بات يُستخدم كأداة لإخضاع المعتقلين سياسيًا، حيث تكررت فيه وقائع الإهمال الطبي، والعزل الطويل، وحرمان السجناء من الزيارة والتريض، وهي ممارسات اعتبرها الحقوقيون انتهاكًا ممنهجًا للقانون الدولي الإنساني.
500 يوم بلا حكم
تجاوزت نجلاء فهمي حتى اليوم 500 يوم رهن الحبس الاحتياطي، في قضية تحمل اتهامات اعتادت النيابة العامة توجيهها للمعارضين، منها “الانضمام إلى جماعة محظورة” و“نشر أخبار كاذبة”، من دون أن يُقدَّم أي دليل ملموس يبرر استمرار احتجازها.
وكان من المفترض أن تبدأ محاكمتها أمام محكمة جنايات أمن الدولة (دوائر الإرهاب) خلال الأشهر الماضية، إلا أن الجلسة أُجّلت مجددًا إلى أكتوبر المقبل، ما يعني تمديد فترة حبسها الاحتياطي دون حكم قضائي، في مخالفة واضحة للمادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية التي تحدد مدد الحبس الاحتياطي القصوى.
مناشدات للإفراج والعلاج
تطالب أسرة نجلاء فهمي وعدد من المنظمات الحقوقية المصرية والدولية بالإفراج الفوري عنها، خاصة في ظل حالتها الصحية المتدهورة وغياب أي مبرر قانوني لاستمرار احتجازها. كما دعت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ومركز الشهاب لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق جاد في مزاعم تعرضها للتعذيب والإخفاء القسري، ومحاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات.
وتؤكد هذه الواقعة أن قضية نجلاء فهمي ليست مجرد حادث فردي، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات ضد النساء داخل السجون اللاتي يُعاقبن أحيانًا فقط لارتباطهن بأشخاص معارضين أو لمجرد زيارتهم.
https://www.facebook.com/JeWar0/posts/1283920227108918?ref=embed_post

