شهدت منطقة المنيب بمحافظة الجيزة واقعة مؤسفة أثارت جدلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، بعد تداول مقطع فيديو قصير يوثّق اعتداء عدد من أولياء الأمور على أحد المعلمين داخل مدرسة عمر مكرم الابتدائية، إثر خلاف نشب حول مقاعد التلاميذ في الصفوف الأمامية.

المقطع، الذي لا تتجاوز مدته 19 ثانية، أظهر مشهدًا صاخبًا داخل فناء المدرسة، حيث بدا التزاحم واضحًا مع أصوات أولياء الأمور وهم يصرخون أثناء الاعتداء، فيما ردد بعضهم عبارات صادمة من بينها: "ضربوه بالشبشب". هذا المشهد الذي انتشر كالنار في الهشيم على "فيسبوك" و"إكس" (تويتر سابقًا) خلّف حالة استياء عارمة، وسط تساؤلات حول مستقبل القيم التربوية والتعليمية إذا كان المعلم نفسه يتعرض للإهانة أمام تلاميذه.

وفقًا لروايات متداولة، بدأت الأزمة حين أصر عدد من أولياء الأمور على الدخول إلى الفصول لمرافقة أبنائهم في الجلوس بالمقاعد الأمامية، على عكس التعليمات الرسمية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم التي تحظر ذلك لتجنّب التكدس والفوضى. وحين حاول المعلم التدخل وتهدئة الموقف، تحول الخلاف سريعًا إلى مشادة كلامية تلتها حالة من الفوضى والاعتداء الجسدي على المدرس.

أحد شهود العيان أكد أن المعلم لم يتجاوز دوره التربوي حين حاول تنظيم جلوس التلاميذ، إلا أن "إصرار أولياء الأمور على فرض الأمر الواقع انتهى بالتهجم عليه داخل المدرسة"، وهو ما اعتبره ناشطون "إهانة خطيرة تضرب هيبة المؤسسة التعليمية بأكملها".

وعلى منصات التواصل، انهالت التعليقات الغاضبة، حيث كتب أحد المستخدمين: "الناس ضربوا المدرس بالشبشب يا وزير التعليم.. طب لما أولادكم يشوفوا المنظر ده هيتعلموا إيه؟! هيتربوا إزاي على احترام المعلم أو احترام أي سلطة؟".

الحادثة ألقت الضوء من جديد على أزمات مزمنة داخل المنظومة التعليمية، أبرزها الازدحام الشديد في الفصول الذي قد يصل في بعض المدارس الحكومية إلى 50 أو 60 تلميذًا داخل قاعة واحدة، إلى جانب ضعف البنية التحتية وقلة الإمكانيات. هذه الظروف تجعل اليوم الدراسي الأول في كثير من المدارس ساحة للفوضى والتوتر، بدلًا من أن يكون مناسبة لبداية عام جديد يعكس قيمة التعليم.

ويرى مراقبون أن ما حدث في المنيب ليس مجرد حادث فردي، بل هو انعكاس لواقع أعمق تعاني منه المدارس الحكومية، حيث تتكرر مظاهر الفوضى والانفلات في غياب آليات تنظيمية وأمنية داخل المؤسسات التعليمية، وهو ما يهدد رسالة المدرسة كمكان للتربية قبل التعليم.