أثار اعتراض البحرية الإسرائيلية لأسطول الصمود العالمي، الذي كان في طريقه إلى قطاع غزة محمّلًا بمساعدات إنسانية وناشطين من جنسيات مختلفة، موجة غضب دولية متصاعدة. ففي الوقت الذي تبرر فيه تل أبيب عمليتها بالادعاء بأنها تمت "بأمان"، ترى عواصم عدة أن ما جرى يمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي، ويكشف إصرار إسرائيل على تشديد حصارها البحري على غزة، رغم التداعيات الإنسانية الكارثية المتفاقمة هناك.
📸مشاهد توثق اقتحام القوات الإسرائيلية لإحدى سفن "أسطول الصمود" ومنعها من الوصول إلى غزة، وتوجيهها إلى ميناء أسدود" #نكمن_في_التفاصيل pic.twitter.com/XBeV9tZ4gI
— Independent عربية (@IndyArabia) October 2, 2025
ردود فعل أوروبية غاضبة
في مدريد، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية، بعد أن تبين أن 65 مواطنًا إسبانيًا كانوا على متن الأسطول. وقال وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس إن بلاده ترفض طريقة التعامل مع القافلة، مذكرًا بأن إسرائيل سحبت سفيرها من مدريد العام الماضي عقب اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية.
أما بريطانيا فقد عبّرت عن "قلق بالغ" من العملية، مطالبة بتسليم المساعدات إلى المنظمات الإنسانية وتوفير ضمانات سلامة للمواطنين البريطانيين المشاركين. بدورها، أكدت أستراليا أنها تتابع الموقف عن قرب وأنها مستعدة لتقديم المساعدة القنصلية لمواطنيها، داعية جميع الأطراف إلى احترام القانون الدولي.
مواقف آسيوية وأفريقية حادة
رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف وصف اعتراض الأسطول بأنه "عمل خسيس"، مطالبًا بإنهاء "الوحشية الإسرائيلية" وضمان الإفراج عن جميع المعتقلين فورًا، مؤكدًا أن "جريمتهم الوحيدة هي محاولة إيصال مساعدات إنسانية لشعب محاصر".
من جانبه، شدد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا على أن اعتراض السفن في المياه الدولية يمثل انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي، داعيًا إلى الإفراج الفوري عن النشطاء. وفي اليونان، أعلن وزير الخارجية جورجيوس جيرابيتريتيس أن 39 سفينة من الأسطول وصلت إلى ميناء أسدود، وجميع من كانوا على متنها بخير.
"حماس" تندد
من جانبها، نددت حركة "حماس" ليل الأربعاء باعتراض إسرائيل أسطول المساعدات لغزة، واصفة العملية الإسرائيلية بأنها "اعتداء غادر وجريمة قرصنة وإرهاب" ضد مدنيين.
وجاء في بيان للحركة "إن اعتراض بحرية الاحتلال الصهيوني لسفن أسطول الصمود في المياه الدولية، واعتقال النشطاء والصحافيين المرافقين لهم، يشكل اعتداء غادراً وجريمة قرصنة وإرهاب بحري على المدنيين، ندين بأشد العبارات هذا العدوان الهمجي".
ضغط متزايد لحماية النشطاء
في خطوة مشتركة، دعت إيطاليا واليونان إسرائيل إلى ضمان سلامة النشطاء وتجنب أي أذى لهم، كما عرضتا حلًا توافقيًا يقضي بتسليم المساعدات إلى الكنيسة الكاثوليكية لتوزيعها داخل غزة. إلا أن منظمي الأسطول رفضوا العرض مرارًا، معتبرين أن جوهر تحركهم هو كسر الحصار وفضح سياسات الاحتلال، وليس مجرد إيصال شحنات غذائية.
تل أبيب: "السيطرة تمت بأمان"
الخارجية الإسرائيلية أعلنت عبر منصاتها أن البحرية أوقفت عددًا من السفن "بأمان"، مؤكدة نقل المشاركين إلى ميناء إسرائيلي تمهيدًا لترحيلهم إلى أوروبا. فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش سيطر على أكثر من 40 سفينة وقارب، مشيرة إلى أن أبرز المشاركين كانت الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ، التي مثل وجودها عنصر جذب عالمي للأضواء على القضية.
ردود منظمات دولية وحقوقية
منظمو "أسطول الصمود" وصفوا العملية بأنها "هجوم غير قانوني على عمال إغاثة عزّل"، داعين قادة العالم والمؤسسات الدولية إلى التدخل العاجل لحماية النشطاء والإفراج عنهم. وأكدوا أن استمرار اعتراض القوافل الإنسانية يبرهن على الطابع العقابي للحصار الإسرائيلي، الذي لا يستهدف سوى تجويع الفلسطينيين وحرمانهم من حقهم في الحياة الكريمة.
أبعاد سياسية متشابكة
يرى محللون أن الاعتراض الأخير قد يفتح جبهة جديدة من الضغوط على إسرائيل في الساحة الدولية، خصوصًا مع تزايد الانتقادات الغربية لسياساتها في غزة. كما أن مشاركة نشطاء من أوروبا وأميركا وأفريقيا وآسيا، وبينهم شخصيات عامة مثل غريتا تونبرغ، تجعل من الصعب على الحكومات تجاهل القضية أو حصرها في إطار الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.
وبينما تواصل إسرائيل تبرير حصارها لغزة باعتبارات "الأمن القومي"، تكشف حادثة اعتراض أسطول الصمود أن المجتمع الدولي بدأ ينفد صبره أمام انتهاكات متكررة للقانون الدولي. ومع تصاعد الضغوط من مدريد ولندن وكانبيرا وإسلام آباد وبريتوريا وغيرها، تبدو تل أبيب أمام اختبار دبلوماسي عسير: إما الاستمرار في نهجها التصعيدي، أو مواجهة عزلة دولية متزايدة مع كل سفينة جديدة تحمل مساعدات إلى غزة.