في خطوة أثارت جدلًا واسعًا بين أولياء الأمور، فرضت مدارس "30 يونيو" التابعة لوزارة التربية والتعليم في منطقة المنتزة بالإسكندرية قيودًا صارمة على أولياء أمور الطلاب، منعتهم بموجبها من إنشاء جروبات على "فيسبوك" أو تطبيقات التواصل الاجتماعي بهدف تبادل الشكاوى أو المعلومات المتعلقة بالمدرسة. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل طالبت الإدارة أولياء الأمور بتقديم بطاقاتهم الشخصية قبل إنشاء أي جروبات، بدعوى مراجعتها مع الجهات الأمنية للتأكد من قانونيتها.
قيود على التواصل المجتمعي
أولياء الأمور اعتادوا خلال السنوات الماضية إنشاء جروبات مغلقة على "واتساب" أو "فيسبوك" لتبادل المعلومات الخاصة بمواعيد الامتحانات، المشكلات التعليمية، أو حتى تنظيم شكاوى جماعية لعرضها على الإدارة. لكن إدارة مدارس "30 يونيو" بالمنتزة اعتبرت هذه الممارسات "مخالفة"، وأصدرت تعليمات مكتوبة تحذر من إنشاء أي جروب غير مصرح به رسميًا، مع التهديد بإبلاغ الشرطة في حال المخالفة.
حرية التعبير تحت الرقابة
عدد من أولياء الأمور عبّروا عن استيائهم، معتبرين أن هذه التعليمات تقييد غير مبرر لحرية التعبير والتجمع، حتى وإن كان ذلك عبر الإنترنت. أحدهم قال: "من حقنا كأولياء أمور أن نتواصل ونتبادل المعلومات، ولا يجوز للمدرسة أن تفتش في بطاقاتنا أو تحيلنا للشرطة فقط لأننا أنشأنا جروبًا على فيسبوك". آخرون رأوا أن هذه الخطوة تعكس عقلية "الأمن قبل التعليم"، إذ باتت المدرسة أقرب إلى مؤسسة أمنية منها إلى مؤسسة تربوية.
صمت رسمي ومخاوف متزايدة
حتى الآن، لم يصدر تعليق رسمي من وزارة التربية والتعليم بشأن هذه الإجراءات، لكن الحادثة سلطت الضوء على الطريقة التي تُدار بها بعض المدارس التابعة لإشراف الدولة المباشر. في المقابل، عبّر كثير من أولياء الأمور عن قلقهم من أن تكون هذه السياسة بداية لمزيد من التضييق، ما قد يمنعهم حتى من طرح شكاواهم عبر القنوات الرسمية خوفًا من الملاحقة.
ومن جهتهم قال خبراء تربويون إن التواصل بين أولياء الأمور وبعضهم البعض ومع إدارة المدرسة هو من أهم الأدوات التي تساعد في تحسين جودة التعليم والدعم النفسي للطلاب، وعدم السماح به يمثل خللاً في المسار التربوي. وأكدت بعض الجمعيات الحقوقية على ضرورة احترام حرية التعبير وحق أولياء الأمور في التنظيم الاجتماعي الرقمي المتطور.
حظر أولياء الأمور من إنشاء جروبات للتواصل، واشتراط مراجعة الشرطة قبل أي نشاط مجتمعي رقمي، يكشف عن أزمة عميقة في فلسفة إدارة التعليم في مصر. فبدلًا من تشجيع الشراكة بين المدرسة والأسرة من أجل مصلحة الطالب، يتم التعامل مع أولياء الأمور باعتبارهم "مشتبهًا بهم" يجب مراقبتهم. وهو ما يحول المدارس من فضاء للتعليم والتربية إلى ساحة للرقابة والسيطرة، على حساب حقوق الأسرة والطالب معًا.