يتفاقم التنافس الحاد بين المؤسسة العسكرية المصرية والاستثمارات الإماراتية حول السيطرة على خيرات مصر ومقدراتها الاقتصادية، إذ تبرز الصورة كأن عبد الفتاح السيسي يخصص للجيش مشروعات ضخمة وصفقات استحواذ على الشركات والأراضي، بينما يُبقي الباب مفتوحًا لهيمنة الإمارات على قطاعات حيوية كالعقارات والصناعة والدواء والزراعة، وصولًا لأملاك وسط القاهرة والصحاري الواسعة والشواطئ والبحيرات.
ينتج عن هذا الاستحواذ المزدوج تهديدات خطيرة للأمن القومي ولقدرة الشعب المصري على التحكم في مستقبله الاقتصادي والاجتماعي.
إمبراطورية الجيش المصري: سيطرة تامة على القطاعات الحيوية
الشركات والمصانع والمؤسسات العسكرية:
يمتلك الجيش "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" الذي يضم 32 شركة عملاقة، أبرزها:
- شركة النصر للخدمات والصيانة "كوين سيرفيس": تسيطر على خدمات الأمن والنظافة وصيانة المعدات ومجموعة من الفنادق والقرى السياحية والجراجات.
- شركة مكرونة كوين: 9 مصانع، 18 خط إنتاج، ينتج 150,000 طن سنويًا.
- شركة المياه المعدنية "صافي": 3 مصانع و24 منفذ بيع في القاهرة الكبرى.
- الوطنية للبترول: 71 محطة جاهزة و17 تحت الإنشاء عام 2022، وخطة للوصول إلى 125 محطة.
- سايلو فودز: مدينة صناعية للأغذية بطاقة إنتاجية ضخمة.
- الشركة الوطنية للصناعات الغذائية (رفح): 4 مصانع لإنتاج المربى والعصائر وصلصة الطماطم وزيت الزيتون.
- مصر العليا للتصنيع الزراعي واستصلاح الأراضي: مصانع للجبن، صلصة الطماطم، الأعلاف، وتجفيف البصل.
- الشركة الوطنية للثروة السمكية: إدارة بحيرات البرلس وغليون بمئات الأحواض وتنمية الثروة السمكية بقرارات رئاسية.
الأراضي والعقارات والمدن الجديدة:
يسيطر الجيش وفق القانون على أكثر من 80% من أراضي الدولة.
خصص السيسي للجيش 16,645 فدانًا للعاصمة الإدارية الجديدة (تكلفة المشروع 300 مليار دولار)، بجانب مئات الآلاف من الأفدنة شرق وغرب البلاد مثل شرق العوينات (110 ألف فدان)، وادي الشيح بأسيوط (10 آلاف فدان) وغيليون بكفر الشيخ.
جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة يبيع بالأمزاد أراض ومشروعات سكنية وتجارية في القاهرة الكبرى (مدينة نصر، رابعة العدوية، النزهة، حلمية الزيتون، مصطفى كامل بالإسكندرية).
الفنادق والشواطئ والمنتجعات:
إدارة سلاسل فنادق "تيوليب"، وقري سياحية على البحرين الأحمر والمتوسط (قرية لافيستا، منتجع سيدي عبد الرحمن، خليج نعمة، العين السخنة).
المشروعات الصناعية والطرق:
مصانع كيماويات وأدوية (النصر للكيماويات، أبو زعبل)، أسمدة، حديد، صلب، بطاريات سيارات، رمال سوداء (شركة الرمال السوداء بكفر الشيخ)، مجمعات صناعية بمنطقة كوم أوشيم بالفيوم.
شركة المقاولات العامة والتوريدات: إنجاز آلاف الكيلومترات من الطرق، وصيانة 27 كبري ونفق بتكلفة 4.47 مليار جنيه.
شركة الوطنية لإنشاء وتنمية الطرق: طريق القاهرة-العين السخنة، طريق حلوان-الكريمات-أسيوط الغربي.
الاستثمار الزراعي والثروة الحيوانية:
مزارع وادي الشيح (10 آلاف فدان)، الشركة الوطنية لاستصلاح الأراضي الصحراوية (110 ألف فدان زراعة قمح وشعير وذرة، 15 مزرعة أغنام، مزارع أبقار تسمين، إنتاج عسل نحل).
مجمع إنتاج البيض واللحوم البيضاء: 120 مليون بيضة سنوية، مصنع أعلاف بطاقة 20 ألف طن.
الشركات المطروحة للخصخصة عام 2025:
4 شركات عسكرية رئيسية: الوطنية للبترول، صافي للمياه المعدنية، تشيل أوت، سايلو فودز.
الاستثمارات الإماراتية في مصر: غزو شامل للقطاعات الاستراتيجية بالأرقام
الشركات الإماراتية وأذرع الاستثمار:
وصل عدد الشركات الإماراتية العاملة بمصر إلى 1730 شركة بحلول 2023، وتجاوزت 2,139 شركة رسمية واستثمارات مباشرة تقارب 22 مليار دولار عام 2025؛ بنسبة بلغت 29% من الاستثمار الأجنبي بالبلاد.
جهتان إماراتيتان تقودان الاستحواذ:
"القابضة ADQ" برئاسة طحنون بن زايد.
"صندوق أبوظبي للتنمية" بقيادة منصور بن زايد.
الأراضي والعقارات والصفقات العملاقة:
صفقة رأس الحكمة: الإمارات سيطرت على مشروع بمساحة 170 مليون متر مربع (42 ألف فدان) على البحر المتوسط، بقيمة 35 مليار دولار، ومخطط لضخ 150 مليار دولار إجمالاً في المشروع مستقبلاً.
استحواذ "القابضة" و"أدنيك" الإماراتيان على 40.5% من شركة "أيكون" مجموعة طلعت مصطفى، التي تملك 7 فنادق تاريخية في مصر.
استحواذ على شركة سوديك العقارية (16 مليون متر مربع أراضي بـ10 مشروعات).
شركات "إعمار" و"داماك" و"مدن" و"بن غاطي": مشاريع ضخمة في القاهرة، الشيخ زايد، والساحل الشمالي (مراسي، أب تاون كايرو، المنتجع سول).
الاستثمارات الفندقية والشواطئ:
الإمارات تدير عبر صناديق سيادية وشركات استثمارية 11 فندقًا رئيسيًا (إعمار)، منتجعات بحرية و3 فنادق تدار بواسطة أبوظبي للاستثمارات السياحية.
امتلاك 35% من أرباح فنادق تاريخية بالحكومة المصرية لصالح الإمارات.
القطاع الزراعي والغذائي:
شركة "الظاهرة" الإماراتية تزرع 28 ألف هكتار (280 مليون م²) من القمح والذرة والبصل والسكر والرمان، وبدأت أعمالها عام 2006 ثم توسعت لتصبح أكبر شركة إنتاج للقطاع الخاص الزراعي بمصر.
شركة "جنان" الإماراتية لديها مشروع شرق العوينات بمساحة 14 ألف هكتار لإنتاج القمح والأعلاف.
"القناة للسكر": مملوكة 70% لمجموعة الغرير الإماراتية، تستحوذ على سوق السكر المصري.
استحواذ "أغذية" الإماراتية على 70% من مجموعة أبوعوف للأغذية المصرية.
قطاع الدواء والأغذية والبيع بالتجزئة:
امتلاك شركة "آمون" للأدوية وهي من أكبر مصانع إنتاج وتصدير الدواء في مصر.
مجموعة "ماجد الفطيم" تدير 70 متجر "كارفور" في مصر، تخطط لافتتاح 140 فرعًا جديدًا؛ خدماتها لنحو 35 مليون عميل سنويًا.
"اللولو" الإماراتية تدير كذلك سلسلة متاجر كبرى للبيع بالتجزئة.
الطاقة والموانئ والصناعات الثقيلة:
استحواذ "أدنوك" على نصف محطات بيع وقود "توتال إنرجيز" (238 محطة)، مع ضخ مئات الملايين لاستكشاف النفط والغاز.
"دراجون أويل" الإماراتية شريك الهيئة المصرية العامة للبترول في جميع امتيازات إنتاج النفط في خليج السويس، استثمارات بقيمة 500 مليون دولار عام 2024.
"مبادلة" الإماراتية حصلت على حصة 20% من امتياز غاز نور شمال سيناء وحصة في حقل ظهر بالبحر المتوسط.
إدارة وتشغيل موانئ سفاجا والغردقة وشرم الشيخ، إدارة ميناء العين السخنة وميناء نهري في المنيا، ومشاركة في امتيازات موانئ البحر الأحمر بصفقات تمتد 15 عامًا.
استحواذ الإمارات على حصص في شركة الإسكندرية لتداول الحاويات، الشرقية للدخان (30% من الحصة الحكومية)، أبو قير للأسمدة، مصر لإنتاج الأسمدة.
وختاما تفرض هيمنة الجيش والمستثمر الإماراتي واقعًا مريرًا، يشهد انتقال الثروة الوطنية بخطوات محمومة من الشعب إلى تحالفات السلطة والمال العسكري الخليجي معًا. إن الحديث عن الاستقلال الاقتصادي أو سيادة مصر على مواردها بات اليوم مجرد رواية خالية من الأدلة، أمام أرقام ومشروعات وصفقات بيع بالجملة، لا يجد فيها المواطن سوى الخسارة الدائمة لمستقبله وحقوقه في وطنه.