قابل قائد الانقلاب العسكري، عبد الفتاح السيسي، يوم 30 سبتمبر 2025 الأمير رحيم الحُسيني (الذي أصبح الإمام الإسماعيلي الخامس بعد وفاة والده أوائل 2025) في قصر الاتحادية لمناقشة "التعاون في مجالات التراث والتنمية والتعليم والمرونة المناخية"، الزيارة أعلن عنها رسمياً من جانب شبكة آغا خان للتنمية ومن رئاسة الانقلاب المصرية.
من هو آغا خان وما هي شبكة التنمية؟
شبكة آغا خان للتنمية (AKDN) مؤسسة متعددة القطاعات تعمل في أكثر من 30 دولة، وتقدّم خدمات صحية وتعليمية وثقافية واستثمارية؛ تُصرّح الشبكة بأن ميزانيتها السنوية للأنشطة التنموية تبلغ نحو 1 مليار دولار وتوظّف عشرات الآلاف عالمياً (تُذكر أرقام التشغيل بين 60–96 ألف موظف تبعاً لفرع الشبكة).
من مشاريعها الشهيرة في مصر متحف النوبة، حدائق الأزهر (حديقة الأزهر 30 هكتاراً تستقبل نحو 1.5 مليون زائر سنوياً) ومشروعات ترميم في دار البلد ودر ب الحمار. هذه الحقائق تُعرض على موقع الشبكة وملفاتها الإعلامية.
ما الحكمة من الزيارة؟
رسمياً تُعرض الزيارة على أنها لتعزيز التعاون في "إعادة تأهيل التراث، والتنمية البشرية، والمشروعات المناخية"؛ لكن تحليل الموقف يشير إلى أهداف موازية لقصر الاتحادية: استثمار رمزي في صورة الحكومة، تسويق "شراكة مع مؤسسات دولية مرموقة" أمام السوق الدولي والمانحين، ومحاولة تحويل انتقادات الداخل والخارج إلى إنجازات حضارية تحتمي بها السلطة.
استقبال شخصية دولية مرتبطة بمؤسسات تملك موارد مالية وسمعة دولية يُستخدم سياسياً لتلميع السجل الحكومي في وقت يواجه فيه الاقتصاد والاجتماع ضغوطاً.
ما مصلحة البلد؟.. المنافع المحتملة والقيود
من ناحية فنية، مشاريع ترميم وإدارة مواقع تاريخية قد تحسّن السياحة وتخلق فرص عمل محلية إذا طُبّقت بمسار شفاف يراعي المجتمع المحلي.
شبكة آغا خان تتمتع بخبرة فنية ومشروعات ناجحة في القاهرة وأسوان، ما قد يحقق فوائد محدودة في البنية التحتية الثقافية.
وفي المقابل، تبقى مصلحة البلاد الحقيقية مرتبطة بسياسات أعمق؛ حرية عمل المجتمع المدني، شفافية العقود، توزيع عوائد التنمية، وبيئة استثمارية مستقلة، عناصر لا تبدو متاحة إذا بقيت القرارات مركزة في دائرة ضيقة من السلطة.
أي تعاون قد يُعوَّم على صورة إنجازات رئاسية بدل أن يصبح تحسيناً مستداماً في شروط حياة المواطنين.
حقيقة الطائفة الإسماعيلية وآغا خان.. منطق الإمامة والدين
الإسماعية فرع من الشيعة الإسماعيلية، وجماعة النِزاريين تُقرّ بإمامة أسرة تُعرف بلقب "آغا خان"؛ هم طائفة عالمية ليست بذوات قوة سياسية إقليمية، بل تُعرف بتنظيمها الاجتماعي ومؤسساتها التنموية والتعليمية والصحية.
الإمام لدى الإسماعيين يُعدّ زعيماً روحياً تاريخياً، وآغا خان الأخيرين اشتهروا بدور اجتماعي وتنموي عبر مؤسسات مستقلة عن الدول.
تصريحات مسؤولين واقتباسات تحمل دلالات
البيانات الرسمية من قصر الاتحادية ومنظمة AKDN ركّزت على "تناغم الأهداف مع رؤية مصر 2030" و"استعداد AKDN لتعزيز التعاون في الترميم والتنمية"، بينما لم تُصرّح جهات اقتصادية أو وزارات مستقلة بتفاصيل مالية أو التزامات مرحلية واضحة.
غياب تفاصيل مالية وشفافية في مراحل التنفيذ والتمويل يثير قلق المراقبين: هل هي شراكات مدروسة أم تجميل إعلامي؟
مخاطر ومطالب للمجتمع المدني
لا يمكن فصل أي تعاون مع جهات دولية عن سياق الحريات المؤسسية؛ مطالب الشفافية تشمل نشر بنود الاتفاقات المالية، تحديد آليات مشاركة المجتمعات المحلية، وضمان تأمين الوظائف المحلية والاستدامة، دون ذلك، ستبقى أي مشاريع انعكاساً لصورة رئاسية أكثر منها واقعاً اقتصادياً واجتماعياً يُشعر به المواطن.
مقارنة بممارسات AKDN في بلدان أخرى تُظهر فعالية عندما تُرافقها مؤسسات محلية قوية.
بين التعاون والتوظيف السياسي
استقبال قائد الانقلاب العسكري لزعيم شبكة آغا خان يحمل صبغتين؛
الأولى: فنية وتنموية قد تفيد قطاعات تراثية وسياحية في مصر.
الثانية: سياسية تسعى لتلميع السرد الرسمي أمام الداخل والخارج، تحقيق مصلحة البلد الحقيقية لن يتم بمجرد لقاءات بروتوكولية، بل يحتاج إلى عقود شفافة، إشراك مجتمعات محلية، وضمانات للمردود الاقتصادي والاجتماعي، وبدون ذلك ستبقى الزيارة صفحة أخرى في سجل توظيف التنمية لخدمة صورة السلطة أكثر من خدمة الناس.