برزت خلال الساعات الأخيرة خطوات لافتة من جانب دولتين بارزتين، هما إيطاليا وإسبانيا، اتخذتا إجراءات غير مسبوقة لمنع عبور أو تصدير الأسلحة الموجهة إلى الاحتلال الإسرائيلي، في مشهد يعكس تنامي الرفض الأوروبي للتواطؤ في حرب الاحتلال على غزة،

ففي مدينة جنوة الإيطالية، نجح عمال الميناء في إحباط محاولة لتحميل شحنة أسلحة مكونة من عشر حاويات على متن ناقلة بحرية كانت متجهة نحو إسرائيل، حيث أجبروا السفينة على مغادرة الميناء من دون حمولتها. الخطوة التي وصفها ناشطون بأنها "إضراب إنساني" جاءت بعد دعوات متكررة من اتحادات عمالية ومنظمات مدنية للامتناع عن دعم الحرب الإسرائيلية على غزة بأي شكل، بما في ذلك منع مرور السلاح عبر الموانئ الإيطالية.

وفي موازاة هذا التطور، فجّرت صحيفة إلباييس الإسبانية مفاجأة سياسية بإعلانها أن الحكومة الإسبانية منعت عبور الطائرات والسفن الأميركية المحملة بالأسلحة والذخائر المتجهة إلى إسرائيل عبر قاعدتين عسكريتين خاضعتين لسيادة مدريد، وهما قاعدة "روتا" في قادش وقاعدة "مورون دي لا فرونتيرا" في إشبيلية.

وبحسب مصادر مطلعة، فقد استند القرار إلى الاتفاقية الدفاعية الموقعة بين إسبانيا والولايات المتحدة عام 1988، والتي تسمح لإسبانيا برفض مرور أي شحنات أو رحلات تحمل "بضائع خطيرة أو مثيرة للجدل". وقد سبق استخدام هذا البند في عام 2002 عندما طلبت واشنطن إذنا لمرور طائرات تقل أسرى أفغان إلى معتقل غوانتانامو.

ولم يتوقف الموقف الإسباني عند حدود الحظر العسكري، إذ نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن مدريد ألغت صفقة ثالثة لشراء أسلحة من إسرائيل بقيمة 207 ملايين يورو، بعد دخول قانون حظر تجارة السلاح مع إسرائيل حيّز التنفيذ. وتشمل الصفقة الملغاة معدات متقدمة للملاحة الجوية كانت ضمن 45 حاوية. وكانت إسبانيا قد ألغت سابقا عقدين ضخمين، الأول بقيمة 700 مليون يورو لشراء قاذفات صواريخ إسرائيلية، والثاني بقيمة 287 مليون يورو لشراء 168 قاذفة مضادة للمدرعات.

وتشير هذه الإجراءات المتصاعدة إلى أن إسبانيا تتجه نحو مقاطعة شاملة للتعاون العسكري مع تل أبيب، بينما يشكّل موقف عمال ميناء جنوة في إيطاليا سابقة في إطار الضغط الشعبي الأوروبي على الحكومات لاتخاذ خطوات مماثلة.