تشهد أوساط ذوي الإعاقة في مصر حالة من الغضب المتصاعد خلال الفترة الأخيرة، بعد تزايد شكاوى عدد كبير منهم بشأن إدراج أسمائهم ضمن كشوف المستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة"، بينما هم في الحقيقة لا يتقاضون أي مبالغ مالية، ولا يمتلكون بطاقات صرف (فيزا) مرتبطة بالبرنامج. الأمر أثار تساؤلات حادة حول مصير هذه الأموال، ولمن يتم صرفها، وسط اتهامات متكررة بوجود شبهات فساد أو أخطاء جسيمة في منظومة التضامن الاجتماعي.
 

أموال على الورق فقط
العديد من ذوي الإعاقة يؤكدون أن أسماءهم مسجلة في كشوف "تكافل وكرامة"، وعند مراجعة الجهات المعنية يتم الرد بأنهم بالفعل مدرجون كمستفيدين. غير أن الواقع يثبت عكس ذلك، حيث لا تصل إليهم أي مبالغ، ولا يتم تسليمهم البطاقات الإلكترونية المخصصة للصرف. هذا الوضع خلق حالة من اللبس، ودفع بعضهم للاعتقاد بأن هناك من يستولي على مستحقاتهم بشكل غير قانوني.

التساؤلات تتضاعف مع حجم الشكاوى المتكررة، إذ يرى مراقبون أن مجرد إدراج أسماء دون وجود صرف فعلي يشير إمّا إلى ثغرات تقنية جسيمة في قواعد البيانات، أو إلى تلاعب متعمد بأموال الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ما يستدعي تدخلاً عاجلاً للتحقيق والشفافية.

https://youtu.be/rjyTg951SzI
 

اتهامات بفساد وإهدار حقوق
يتحدث نشطاء في مجال حقوق ذوي الإعاقة عن "منظومة مهترئة" في بعض مديريات التضامن بالمحافظات، حيث تغيب الرقابة الفعالة، وتزداد الشبهات حول سوء توزيع الموارد. بعض الأسر أكدت أن موظفين يبررون الأمر بوجود "مشكلات تقنية" أو "تأخير في الصرف"، لكن استمرار هذه الأوضاع لشهور وربما سنوات يعزز الانطباع بوجود فساد أو إهمال جسيم.

المثير أن هذه الأزمة تأتي بالتوازي مع استمرار أزمة أخرى شائكة تخص سيارات المعاقين بالجمارك؛ إذ يواجه ذوو الإعاقة صعوبات متفاقمة في الحصول على سيارات معفاة من الجمارك، رغم أن القانون يكفل لهم هذا الحق. الإجراءات البيروقراطية المعقدة، والقيود المفروضة، فضلًا عن شبهة تدخل سماسرة وتجار لتحقيق أرباح على حساب المستحقين، جعلت الملف يتحول إلى قضية رأي عام.
https://www.tiktok.com/@muhammadtaha1228/video/7519455744308055304
 

تكاليف إنسانية واجتماعية
الضرر لا يتوقف عند الجانب المادي فقط، بل يمتد إلى آثار اجتماعية ونفسية خطيرة. كثير من ذوي الإعاقة يعتمدون بشكل أساسي على دعم "تكافل وكرامة" في تلبية احتياجاتهم الأساسية من دواء ومعيشة. غياب هذه المخصصات يجعلهم عرضة للفقر المدقع، ويزيد معاناة أسرهم.

إلى جانب ذلك، فإن تعطيل ملف سيارات المعاقين يحرمهم من وسيلة حيوية للتنقل والاستقلالية، وهو ما يتعارض مع السياسات المعلنة للدولة بشأن دمج وتمكين ذوي الإعاقة، ويجعل شعارات "العدالة الاجتماعية" بلا صدى حقيقي لديهم.
 

دعوات للمساءلة والإصلاح
أمام هذه التطورات، تعالت الأصوات المطالبة بفتح تحقيق رسمي واسع داخل وزارة التضامن الاجتماعي، وبمراجعة دقيقة لقاعدة بيانات المستفيدين من "تكافل وكرامة". كما يطالب نشطاء بضرورة نشر تقارير شفافة توضح أعداد المستفيدين الفعليين، وآليات صرف الأموال، ومنع أي تلاعب محتمل.

في المقابل، يدعو خبراء إلى رقمنة المنظومة بشكل كامل، وتفعيل أدوات الرقابة الإلكترونية، بما يتيح لكل مواطن التحقق بنفسه من حالته عبر المنصات الرسمية، دون الاكتفاء بالاستعلام الورقي أو الاعتماد على الموظفين فقط.

أما ملف سيارات المعاقين، فيحتاج – بحسب المتخصصين – إلى مراجعة عاجلة للتشريعات والإجراءات، بما يمنع تسرب الامتيازات إلى غير مستحقيها، ويضمن استفادة فعلية لذوي الإعاقة من حقهم القانوني.

وفي ضوء ما سبق، فإن أزمة "تكافل وكرامة" وأزمة سيارات المعاقين تكشفان عن ثغرات حقيقية في منظومة الرعاية الاجتماعية، وتثيران الشكوك حول عدالة توزيع الدعم. ومع تزايد شكاوى ذوي الإعاقة، يصبح التدخل الحكومي الشفاف والفعّال ضرورة عاجلة، ليس فقط لحماية أموال الدولة، بل أيضًا لصون كرامة شريحة واسعة من المواطنين طالما نادت بحقوقها المشروعة.