أثار اعتراض البحرية الإسرائيلية لـ"أسطول الصمود العالمي" المتجه لكسر الحصار عن قطاع غزة موجة من ردود الفعل على الساحة الدولية، خاصة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. الصفعة الجديدة التي وجهتها تل أبيب للناشطين والناشطات الذين حاولوا تحدي الحصار أثارت تساؤلات حول مدى تفاقم الأزمة بين الطرفين، وسط تحديات سياسية وقانونية متزايدة.

 

تفاصيل الاعتراض وتبعاته

أعلنت إسرائيل أنها تمكنت من اعتراض جميع السفن المشاركة في الأسطول، ونقلت الناشطين إلى ميناء أسدود، حيث باشرت إجراءات ترحيلهم إلى بلدانهم. من جانبهم، رفض منظمو الأسطول الاعتراف بفعالية هذا الاعتراض، مؤكدين أن حملتهم تهدف إلى فضح الحصار وإثارة الرأي العام العالمي.

يقول خبراء قانونيون إن إجراءات إسرائيل التقييدية تثير جدلاً حول احترام القانون الدولي، حيث ينظر إلى الحصار كعقاب جماعي غير قانوني على سكان غزة.

 

رد الاتحاد الأوروبي: موقف متردد

أبدى مسؤولو الاتحاد الأوروبي موقفًا حذرًا، حيث تجنبوا توجيه انتقادات مباشرة لإسرائيل، مكتفين بإدانة "أي هجوم" على الأسطول دون تسمية المعتدي. من جانبها، أبدت بعض الدول الأوروبية نية لتعليق أو إعادة تقييم اتفاقيات التجارة مع إسرائيل بسبب هذه الحادثة، إلا أن تباين المواقف بين الدول الأعضاء أعاق اتخاذ موقف موحد وحاسم.

الدبلوماسي الأوروبي فرانز ماير قال: "الاتحاد يعيش لحظة حرجة، بين ضرورة الحفاظ على تحالفات استراتيجية والضغط من أجل احترام القانون والحقوق الإنسانية."

 

آراء خبراء: تفاقم الأزمة وتحديات الاتحاد الأوروبي

يرى الدكتور جان كلود ميلر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس، أن اعتراض الأسطول يمثل "اختبارًا حقيقيًا لأوروبا في قدرتها على التوفيق بين مصالحها الاقتصادية والأخلاقية. إسرائيل تعزز عزلة نفسها في أوروبا، وقد يشجع ذلك بعض الأطراف على المطالبة بفرض عقوبات أكثر صرامة."

بينما تشير الدكتورة ليلى حميدي، خبيرة الشؤون الأوروبية، إلى أن "الاتحاد الأوروبي يعاني من انقسام داخلي عميق حول الملف الإسرائيلي. استمرار مثل هذه الحوادث قد يعزز دعوات داخل أوروبا للمساواة في المحاسبة، لكنه سيظل هناك عراقيل سياسية داخلية."

 

دعم شعبي وأصوات برلمانية في أوروبا

شهدت عدة عواصم أوروبية احتجاجات شعبية حاشدة دعت إلى الضغط على إسرائيل، حيث أكد نواب بارزون مثل جيرمي كوربن، عضو البرلمان البريطاني، على ضرورة وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل وفرض عقوبات فورية. وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو دعا بدوره إسرائيل إلى احترام سلامة الناشطين وحقهم في الوصول والدعم الإنساني لغزة.

 

تحليل سياسي: أبعاد الأزمة الإسرائيلية-الأوروبية

يعزو المحلل السياسي سامر الجندي تصاعد التوتر إلى مدى هشاشة الموقف الأوروبي الذي يحاول التوفيق بين علاقاته الاستراتيجية مع إسرائيل وضغوط أقطابه الداخلية الداعية إلى محاسبتها.

ويقول الجندي: "إسرائيل ترى في مواجهة أسطول الصمود حماية لأمنها القومي، بينما يوقع الاتحاد الأوروبي في دوامة تحديات سياسية وشعبية تستدعي منه مواقف أكثر تحديدًا وصراحة."

وفي الأخير تظل أزمة اعتراض أسطول الصمود رسالة واضحة بتعمق شرخ العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي. رغم الصمت النسبي في بعض الأوساط الرسمية الأوروبية، تصاعد الضغط الشعبي والسياسي قد يدفع الاتحاد إلى مراجعة سياساته وفرض تدابير أكثر صرامة. في الوقت ذاته، تبقى القضية الإنسانية لغزة حاضرة على الساحة الدولية، مع استمرار الحصار الإسرائيلي وتزايد الدعوات لتحرك دولي فعّال.