في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، أصدر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أمرًا بنشر الجيش في مدينة بورتلاند، مع السماح باستخدام "القوة عند الضرورة" تحت مبرر مكافحة الجريمة في المدن التي يسيطر عليها الديمقراطيون. القرار جعل بورتلاند رابع مدينة أمريكية يُزج فيها الجيش منذ وصول ترامب إلى السلطة، بعد ولايات تينيسي ونيويورك وواشنطن.
عسكرة الداخل الأمريكي
قرار نشر الجيش في مدينة داخلية يعكس انتقالًا خطيرًا في علاقة الدولة بالمجتمع، إذ لم يعد استخدام القوات المسلحة محصورًا في مواجهة أخطار خارجية، بل بات وسيلة مباشرة للسيطرة على الشارع. هذا التوجه يعيد للأذهان صور "الدولة البوليسية"، ويثير مخاوف من أن تتحول الولايات المتحدة إلى ساحة صراع مفتوح بين السلطة الفيدرالية ومعارضيها.
صراع سياسي على الأرض
ترامب لطالما اتهم المدن التي يقودها الديمقراطيون بالفوضى والفشل في فرض النظام، مستغلًا ارتفاع معدلات الجريمة والاحتجاجات الاجتماعية لتبرير تدخل الجيش. غير أن هذه السياسة تضعه في مواجهة مباشرة مع حكام الولايات ورؤساء البلديات الديمقراطيين الذين يرفضون عسكرة الشوارع، معتبرين أن القرارات الاتحادية تنتهك صلاحيات الولايات وتؤجج الانقسام.
تحذيرات من الانزلاق نحو العنف الأهلي
عدد من المحللين والخبراء الأمريكيين حذّروا من أن استمرار نشر الجيش في الداخل قد يدفع نحو مواجهة مفتوحة بين القوات الفيدرالية والمواطنين. فالاحتجاجات التي شهدتها مدن أمريكية كبرى خلال السنوات الماضية لم تكن بعيدة عن العنف، ومع عسكرة المشهد يزداد احتمال الانفجار. البعض وصف الوضع بأن أمريكا تسير بخطى متسارعة نحو "حافة حرب أهلية جديدة" في ظل تصاعد الاستقطاب السياسي والعرقي والاجتماعي.
الانقسام الحزبي وتأجيج الشارع
لا يمكن قراءة هذه القرارات بمعزل عن المعركة السياسية بين الجمهوريين والديمقراطيين. فترامب يحاول تقديم نفسه كـ"رجل القانون والنظام"، بينما يُتهم في المقابل بتأجيج العنف واستغلال الجيش في معركة انتخابية وحزبية. هذا الانقسام يترجم على الأرض في شكل احتجاجات مضادة، واشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس السابق، ما يعكس هشاشة النسيج الاجتماعي الأمريكي.
أمريكا بين الديمقراطية والاستبداد
بينما تروج الولايات المتحدة لنفسها كمنارة للديمقراطية وحقوق الإنسان، تبدو ممارساتها الداخلية وكأنها تنقض هذا الخطاب. عسكرة المدن، استخدام القوة ضد المدنيين، وإقحام الجيش في السياسة الداخلية؛ كلها مؤشرات على انتقال الدولة نحو منطق استبدادي، وهو ما يضعف صورة واشنطن أمام العالم.
مستقبل غامض
القرارات الأخيرة تضع الولايات المتحدة أمام مفترق طرق خطير. فإما أن تعود مؤسساتها إلى ضبط العلاقة بين الفيدرالي والولايات وتجنب عسكرة الداخل، أو تستمر في النهج التصعيدي الذي قد يقود البلاد إلى انفجار اجتماعي واسع. في ظل الظروف الحالية، يبدو أن أمريكا لم تكن يومًا أقرب إلى حافة حرب أهلية كما هي اليوم.