في مشهد يرمز إلى التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، أعلن أسطول الصمود العالمي عن انضمام ثماني سفن جديدة انطلقت من السواحل الإيطالية، في طريقها للالتحاق ببقية الأسطول المتجه نحو غزة.

ويأتي ذلك بعدما غادر الأسطول الرئيسي جزيرة كريت اليونانية قبل أيام، متوجهاً نحو القطاع وهو يضم أكثر من 40 سفينة تحمل على متنها ناشطين من مختلف الجنسيات، إضافة إلى مساعدات إنسانية أساسية.
ويرفع المشاركون شعار «لن نترك غزة وحدها»، تأكيدًا على أن الحصار المستمر منذ أكثر من 17 عامًا لم يعد مقبولًا أمام الضمير العالمي.
 

أسطول بحري غير مسبوق
التحرك الحالي يعد الأكبر من نوعه منذ محاولات كسر الحصار التي بدأت قبل أكثر من عقد، إذ يشارك في الأسطول أكثر من 40 سفينة مختلفة الأحجام، تتنوع بين مراكب صغيرة وسفن شحن أكبر حجمًا.
ويمثل انضمام ثماني سفن إيطالية دفعة جديدة لقوة هذا التحرك، الذي ينظر إليه النشطاء كرسالة ضغط على المجتمع الدولي، وكتأكيد على أن غزة ليست وحدها في مواجهة الحرب والدمار.
 

جنسيات متعددة ومشاركة واسعة
يشارك في الأسطول ناشطون من أكثر من 30 دولة، بينهم أوروبيون وأمريكيون وعرب، إضافة إلى منظمات حقوقية وإنسانية بارزة. ويؤكد المنظمون أن هذه المشاركة الواسعة تعكس حالة الغضب العالمي المتصاعد إزاء استمرار الحصار على مليوني فلسطيني يعيشون في ظروف كارثية، حيث يفتقرون إلى الغذاء والدواء والكهرباء والمياه النظيفة.
 

أهداف إنسانية ورسائل سياسية
رغم أن الأسطول يحمل على متنه شحنات مساعدات أساسية تشمل أدوية ومواد غذائية وأجهزة طبية، إلا أن رسالته لا تقتصر على الجانب الإنساني. فالمشاركون يسعون إلى إيصال رسالة سياسية قوية للعالم، بأن الحصار يمثل جريمة جماعية بحق المدنيين، وأن السكوت الدولي المستمر يعني المشاركة في هذه الجريمة. ومن خلال شعار «لن نترك غزة وحدها»، يسعى النشطاء إلى تحويل التحرك إلى رمز عالمي للصمود والحرية.
 

المخاوف من اعتراض إسرائيلي
على الرغم من أن التحرك يرفع شعارات سلمية ويهدف لتقديم المساعدات الإنسانية، إلا أن المخاوف قائمة من اعتراضه من قبل البحرية الإسرائيلية، التي سبق أن منعت بالقوة عدة محاولات مشابهة في السنوات الماضية.
ففي عام 2010، أسفر اعتراض أسطول الحرية عن مقتل عشرة نشطاء أتراك، وهو ما أدى حينها إلى أزمة دبلوماسية حادة بين أنقرة وتل أبيب.

واليوم، ورغم التحذيرات من تكرار السيناريو نفسه، يصر النشطاء على المضي قدمًا، معتبرين أن أي اعتداء جديد سيضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع الرأي العام العالمي.
 

تضامن عالمي متنامٍ
يرى محللون أن أسطول الصمود يمثل انعكاسًا لتغير المزاج الدولي تجاه القضية الفلسطينية، خصوصًا بعد الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية من دول أوروبية وأخرى غربية خلال الأشهر الأخيرة. كما أن حجم المشاركة يعكس تطورًا في أشكال التضامن، حيث لم يعد مقتصرًا على البيانات أو المظاهرات، بل امتد إلى أفعال مباشرة على الأرض والبحر. ويعتبر هذا التحرك أيضًا ردًا عمليًا على ما يصفه النشطاء بـ"فشل المؤسسات الدولية" في إنهاء الحصار المستمر.

وختاما وبينما تواصل سفن أسطول الصمود العالمي شق طريقها نحو غزة، تبقى الأنظار مشدودة إلى ما إذا كانت ستتمكن من الوصول إلى وجهتها أم ستتعرض للاعتراض كما في محاولات سابقة. لكن، وبغض النظر عن النتيجة النهائية، فقد نجح الأسطول بالفعل في إعادة تسليط الضوء على مأساة غزة، وفي بعث رسالة مفادها أن شعوب العالم لن تترك الفلسطينيين وحدهم. وكما قال أحد المشاركين: "قد تُمنع سفننا من الدخول، لكن رسالتنا وصلت، والحصار بدأ يتهاوى أخلاقيًا قبل أن يسقط فعليًا."