أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده لن تتخلى عن سوريا بعد التحولات التي شهدتها خلال العام الماضي، مشدداً على أن أنقرة ستسخّر كل إمكانياتها لدعم دمشق في مسيرة استعادة قوتها ومكانتها.

جاءت تصريحات أردوغان في مؤتمر صحفي عقده بمطار أتاتورك الدولي في إسطنبول، قبيل مغادرته إلى مدينة نيويورك الأمريكية، حيث يشارك في اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة.

وقال الرئيس التركي إن بلاده تشعر بارتياح كبير بعد أن “تخلصت سوريا من حقبة دموية مظلمة استمرت 14 عاماً”، في إشارة إلى سقوط نظام البعث في ديسمبر الماضي. وأضاف: “لن نترك سوريا وحيدة، وسنسخّر كل الإمكانيات كي تزداد قوة يوماً بعد يوم”.
 

لقاء مرتقب مع القيادة السورية
وكشف أردوغان عن لقاء مرتقب مع الرئيس السوري أحمد الشرع في “البيت التركي” بنيويورك، على هامش اجتماعات الجمعية العامة الأممية. وأوضح أنه سيستضيف الشرع لاحقاً في أنقرة على رأس وفد رسمي، ما يعكس بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين بعد سنوات من القطيعة والتوتر.

وأشار أردوغان إلى أن “الزيارات المستمرة للمسؤولين الأتراك إلى دمشق بعد سقوط النظام السابق ساهمت في تعزيز التضامن وفتح صفحة جديدة مع الجار السوري”.
 

سوريا بعد سقوط النظام
تطرّق أردوغان إلى المشهد الإقليمي الجديد، مؤكداً أن حصول سوريا على استقلالها واستعادة هويتها بعد سقوط نظام البعث “ولّد شعوراً بالارتياح في تركيا أيضاً، بحكم الجوار والروابط التاريخية”. واعتبر أن مشاركة سوريا هذا العام في اجتماعات الجمعية العامة الأممية تمثل دلالة على عودتها إلى المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة والصراع.

كما أبدى ثقته بأن اجتماعات الأمم المتحدة ستسهم في ترسيخ السلام الدائم للشعب السوري الذي وصفه بأنه “دفع ثمناً باهظاً من أجل حريته”.
 

دعوة إلى إصلاح الأمم المتحدة
وفي جانب آخر من تصريحاته، وجّه أردوغان انتقادات صريحة لمنظومة الأمم المتحدة، معتبراً أنها لم تعد تلبي احتياجات العصر الحالي، نظراً لهيمنة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن على القرارات المصيرية.

وقال أردوغان: “لا يوجد أي مبرر لإبقاء حل الأزمات الإنسانية رهناً لضمير الدول التي تتمتع بحق النقض (الفيتو)”، مشيراً إلى أنه كان قد أطلق منذ 12 عاماً شعاره الشهير “العالم أكبر من خمسة” من على منبر الأمم المتحدة.

وأوضح أن الدعوات المتصاعدة عالمياً لإصلاح المنظمة الدولية، بما فيها مواقف بعض المسؤولين في الأمانة العامة للأمم المتحدة، تؤكد صحة رؤيته. وجدد استعداد تركيا لدعم أي خطوات عملية في هذا الاتجاه، مشيراً إلى أنه سيؤكد على هذا الموقف في كلمته أمام الجمعية العامة، باعتباره “يعكس ضمير الإنسانية”.
 

موازنة بين الداخل والخارج
تأتي تصريحات أردوغان في وقت تحاول فيه تركيا إعادة رسم دورها في الشرق الأوسط، من خلال التقارب مع دمشق، والتأكيد على مكانتها كقوة إقليمية لا يمكن تجاوزها في أي ترتيبات تخص مستقبل سوريا. وفي المقابل، يواصل الرئيس التركي الدفع برؤيته لإصلاح النظام الدولي، في محاولة لتقديم أنقرة كصوت عالمي مناصر للعدالة وحقوق الشعوب.

وبينما ينتظر أن تشكل كلمته في الأمم المتحدة محطة جديدة في هذه المساعي، يظل لقاء أردوغان – الشرع المرتقب من أبرز التطورات التي ستراقبها العواصم الإقليمية والدولية عن كثب، باعتباره مؤشراً على تغير موازين العلاقات في المنطقة بعد سنوات من الصراع.