مع اقتراب موعد الإعلان الرسمي عن اعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين، تزايدت الأصوات داخل الأوساط السياسية والمجتمع المدني التي رحّبت بالخطوة واعتبرتها تحوّلًا تاريخيًا في مسار الصراع العربي الإسرائيلي.
ففي بريطانيا، على سبيل المثال، شدد نائب رئيس الوزراء ديفيد لامي على أن الاعتراف بفلسطين لا يعني دعم أي تنظيمات مسلحة، بل هو موقف مبدئي يقوم على الالتزام بحل الدولتين وإعادة الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني.
وأكد أن الاعتراف يعكس ضرورة التمييز بين الشعب الفلسطيني الذي يطالب بحقه المشروع في دولة مستقلة، وبين الأطراف التي تستخدم السلاح في غزة.
إلى جانب ذلك، برزت أصوات أكاديميين ومنظمات حقوق إنسان اعتبرت أن الاعتراف ليس مجرد خطوة رمزية، بل رسالة سياسية وأخلاقية لوقف المأساة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، وإعادة التوازن إلى خطاب المجتمع الدولي.
كما أظهرت استطلاعات للرأي في بريطانيا أن جزءًا كبيرًا من المواطنين يؤيدون هذه الخطوة، ما يعكس ضغطًا شعبيًا يتجاوز الحسابات الدبلوماسية التقليدية.
صرح نائب رئيس الوزراء البريطاني :
— YAFFA (@b70475) September 21, 2025
نحن نعترف بدولة فلسطين من أجل الحفاظ على حل الدولتين
يريد أن يقول لإسرائيل نحن نفعل ذلك لأجلكم ، للحفاظ على دولة إسرائيل
لأن العالم يردد الآن : فلسطين حرة من البحر إلى النهر
و طز في الخوارزميات و الحظر https://t.co/0Ca4sJ56GH
ومن جهته أعلن الرئيس التركي طيب رجب أردوغان " أردوغان: نأمل أن يسرع اعتراف العديد من الدول بدولة فلسطين في الجمعية العامة بتطبيق حل الدولتين".
عاجل | أردوغان: نأمل أن يسرع اعتراف العديد من الدول بدولة فلسطين في الجمعية العامة بتطبيق حل الدولتين pic.twitter.com/oxDV2rY4fd
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) September 21, 2025
كما أعلن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون " ماكرون: اعتماد 142 دولة إعلان نيويورك بشأن حل الدولتين تحول في مسار إحلال السلام والأمن الدائم بالشرق الأوسط".
عاجل | ماكرون: اعتماد 142 دولة إعلان نيويورك بشأن حل الدولتين تحول في مسار إحلال السلام والأمن الدائم بالشرق الأوسط pic.twitter.com/JgceSJnIur
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) September 20, 2025
بينما وصفت عضو البرلمان الأوروبي ديانا شوشواكا : الدول الأوروبية أصدرت حتى الآن تصريحات دون القيام بأي تحركات من أجل حل الدولتين وإسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية بمساعدة الأمم المتحدة
عضو البرلمان الأوروبي ديانا شوشواكا للجزيرة: الدول الأوروبية أصدرت حتى الآن تصريحات دون القيام بأي تحركات من أجل حل الدولتين وإسرائيل تحتل الأراضي الفلسطينية بمساعدة الأمم المتحدة pic.twitter.com/snpz3BUwrA
— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) September 21, 2025
ونوه المحلل السياسي ياسر الزعاترة: سموتريتش يقول إن غزة "غنيمة" والضفة "وعد الرب لشعبه المختار" بينما العرب يتحدثون عن "حل الدولتين"!
وقال إنه بدأ التفاوض مع أمريكا بشأن "تقاسم أراضي قطاع غزة" التي اعتبرها "غنيمة عقارية".
وتابع غزة "غنيمة عقارية". أما الضفة، فهي "وعْد الربّ" لـ"شعبه المُختار"، ومعها أجزاء من لبنان وسوريا ومصر والأردن!
وأردف كل ذلك و"فتح" والعرب يتحدّثون عن "حل الدولتين"!
ياسر الزعاترة: سموتريتش يقول إن غزة "غنيمة" والضفة "وعد الرب لشعبه المختار" بينما العرب يتحدثون عن "حل الدولتين"! pic.twitter.com/fq366OMGcA
— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) September 18, 2025
الدول التي ستعلن أو من المتوقع أن تعلن الاعتراف بدولة فلسطين
من بين أبرز الدول التي تستعد للاعتراف بدولة فلسطين، تقف المملكة المتحدة في المقدمة بعد أن أعلنت رسميًا نيتها القيام بذلك بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.
فرنسا أيضًا انضمت إلى هذا التوجه بعد تصريحات للرئيس إيمانويل ماكرون أكّد فيها أن بلاده ستعترف بفلسطين في إطار الجهود الدولية لإحياء حل الدولتين.
كذلك أعلنت كندا وأستراليا أنهما ستتخذان خطوة مماثلة، الأمر الذي يمنح الاعتراف زخمًا أكبر كونه يأتي من دول مؤثرة على الساحة الدولية.
كما أعلنت البرتغال أن قرارها جاهز وسيتم تنفيذه خلال أيام، بينما أكدت بلجيكا استعدادها للاعتراف وفق شروط محددة تتعلق بالالتزام بالمسار السياسي والدبلوماسي.
دول أخرى مثل لوكسمبورغ ومالطا بدت أيضًا منخرطة في التحضير لهذه الخطوة، ما يرفع عدد الدول الأوروبية الداعمة إلى مستوى غير مسبوق.
ويأتي هذا في وقت كانت فيه أكثر من 140 دولة حول العالم قد اعترفت بفلسطين سابقًا، لكن انضمام قوى غربية كبرى يمثل تطورًا نوعيًا يغيّر التوازن السياسي في التعامل مع القضية.
مدى تأثير الخطوة وأهمية توقيتها
يمثل التوقيت عنصرًا أساسيًا في أهمية الاعتراف. فالخطوة تأتي قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يمنحها ثقلًا رمزيًا ودبلوماسيًا كبيرًا.
كما أن الاعتراف في هذا التوقيت يُنظر إليه كضغط مباشر على إسرائيل، خاصة في ظل الاتهامات المتصاعدة لها بارتكاب انتهاكات جسيمة في غزة والتوسع في الاستيطان بالضفة الغربية.
الاعتراف من قبل دول بحجم بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا لا يُعد مجرد بيان سياسي، بل يشكل تحولًا في المواقف الدولية من شأنه أن يفتح الباب أمام نقاشات جديدة حول مستقبل عملية السلام.
إلى جانب ذلك، فإن اعتراف هذه الدول يشير إلى استعدادها للانخراط في مسار عملي، لا يكتفي بالشعارات بل يضع شروطًا والتزامات على الطرفين، خصوصًا فيما يتعلق بوقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
ورغم أن البعض يصف الاعتراف بأنه رمزي ولا يخلق دولة من العدم، إلا أن رمزيته وحدها كفيلة بإعادة الملف الفلسطيني إلى الواجهة الدولية، بعد سنوات من التهميش والتراجع.
وفي النهاية فقرار الاعتراف بدولة فلسطين من قبل دول كبرى مثل المملكة المتحدة وفرنسا وكندا وأستراليا والبرتغال وبلجيكا، يمثل تحوّلًا استراتيجيًا في مسار التعامل مع القضية الفلسطينية.
فهو يعكس إدراكًا متزايدًا بأن استمرار تجاهل حقوق الفلسطينيين لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار.
ورغم أن الاعتراف بحد ذاته لا يخلق دولة ولا ينهي الاحتلال، إلا أنه يوجه رسالة قوية إلى إسرائيل والعالم بأن حل الدولتين ما زال الخيار الوحيد القابل للحياة.
وبينما يحتفي النشطاء والحقوقيون بهذه الخطوة باعتبارها إنصافًا طال انتظاره، تبقى الأنظار معلّقة على ما إذا كان الاعتراف سيتحول إلى سياسة عملية تفرض تغييرًا حقيقيًا على الأرض، أم سيبقى خطوة رمزية تضاف إلى أرشيف طويل من القرارات الدولية غير المفعلة.