في سياق التحولات السياسية والأمنية التي تشهدها سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، برزت تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع حول مستقبل العلاقة بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
الشرع حذر من أن فشل مسار دمج "قسد" قبل نهاية العام الجاري قد يدفع تركيا إلى التدخل العسكري في شمال شرقي سوريا، مما يثير تساؤلات حول استراتيجيات الحكومة السورية في التعامل مع هذا الملف الشائك.
خلفية تاريخية
تأسست "قسد" عام 2015 كتحالف عسكري يضم مقاتلين عربًا وكردًا، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بهدف محاربة تنظيم داعش.
ومع تقدم العمليات العسكرية، سيطرت "قسد" على مناطق واسعة في شمال شرقي سوريا، بما في ذلك حقول النفط والغاز، مما جعلها قوة مؤثرة في المعادلة السورية.
منذ ذلك الحين، أصبحت العلاقة بين "قسد" والحكومة السورية محكومة بالتحالفات الدولية والتوازنات الإقليمية.
تصريحات الرئيس أحمد الشرع
في تصريحاته الأخيرة، شدد الرئيس الشرع على ضرورة دمج "قسد" ضمن الجيش السوري، مؤكدًا أن بعض الأجنحة داخل "قسد" وحزب العمال الكردستاني تعرقل تنفيذ الاتفاقات، خاصة اتفاق مارس.
وأشار إلى أن فشل هذا المسار قد يدفع تركيا إلى التحرك عسكريًا، مما يهدد استقرار شمال شرقي سوريا.
كما رفض مطالب "قسد" المتعلقة باللامركزية، مؤكدًا أن القانون السوري رقم 107 يضمن نسبة 90% من اللامركزية الإدارية، واصفًا هذه المطالب بأنها "غطاء للنزعة الانفصالية".
الموقف التركي
تركيا تعتبر "قسد" امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه منظمة إرهابية. منذ عام 2016، نفذت تركيا عدة عمليات عسكرية في شمال سوريا، مستهدفة مواقع "قسد".
وفي تصريحات سابقة، دعا وزير الدفاع التركي يشار غولر التنظيمات المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وفي مقدمتها وحدات حماية الشعب (YPG) وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلى إنهاء أنشطتها وتسليم أسلحتها بشكل فوري ودون شروط.
التحديات أمام مسار الدمج
يواجه مسار دمج "قسد" عدة تحديات، أبرزها:
- الاختلافات الأيديولوجية: تتمسك بعض الأجنحة داخل "قسد" بمطالبها باللامركزية أو الفيدرالية، مما يتعارض مع رؤية الحكومة السورية لوحدة الدولة.
- الضغوط الإقليمية والدولية: تتباين مواقف القوى الإقليمية والدولية تجاه "قسد"، مما يزيد من تعقيد المفاوضات.
- القلق من التدخل التركي: تخشى "قسد" من أن أي تحرك عسكري تركي قد يؤدي إلى تراجع مكتسباتها السياسية والعسكرية.
الآثار المحتملة للتدخل العسكري التركي
في حال فشل مسار الدمج، قد تتصاعد التوترات بين الحكومة السورية و"قسد"، مما يفتح المجال لتدخل عسكري تركي.
هذا التدخل قد يؤدي إلى:
- تقسيم سوريا: تزايد الانقسامات بين القوى المحلية قد يهدد وحدة الأراضي السورية.
- تصعيد النزاع: اندلاع مواجهات مسلحة قد يؤدي إلى مزيد من الدمار والتهجير.
تأثيرات إنسانية.. زيادة معاناة المدنيين في مناطق النزاع
وفي ضوء ما سبق فإن تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع تعكس حجم التحديات التي تواجه الحكومة السورية في مسار دمج "قسد".
بينما تسعى الحكومة للحفاظ على وحدة الدولة، تواجه ضغوطًا داخلية وخارجية قد تؤثر على استراتيجياتها المستقبلية.
يبقى السؤال: هل ستنجح دمشق في تحقيق توافق داخلي يضمن دمج "قسد" دون تصعيد الموقف مع تركيا؟