في خطوة وُصفت بالتحول الاستراتيجي في علاقات الرياض وإسلام أباد، وقّعت السعودية وباكستان منتصف سبتمبر الجاري اتفاقية دفاعية مشتركة وُصفت بـ"التاريخية"، بعد أن أعلنت الدولتان أن أي اعتداء على إحداهما سيُعتبر اعتداءً على الأخرى.

الاتفاق، الذي جاء في ظل توترات إقليمية متصاعدة، أثار تفاعلات واسعة بين النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، كما حفّز محللين وخبراء استراتيجيين على طرح تساؤلات حول أبعاده ومخاطره على توازن القوى في المنطقة.

على منصات التواصل الاجتماعي، اعتبر نشطاء أن الاتفاقية تمثل نقلة نوعية من التعاون الثنائي إلى تحالف دفاعي كامل، مؤكدين أن "الهجوم على السعودية هو هجوم على باكستان، والعكس بالعكس".
بعضهم رأى أن الاتفاق يأتي في توقيت حساس، خاصة بعد تصاعد التوترات الإقليمية عقب أحداث غزة الأخيرة، والهجوم الإسرائيلي على وفد من قادة المقاومة في الدوحة.

في نظر هؤلاء، فإن الاتفاق يبعث برسالة ردع قوية، ويعزز مفهوم "الأمن الجماعي" بين بلدين تربطهما مصالح سياسية واقتصادية متشابكة.

السعودية تلجأ إلى حليف مسلح نووياً مع تراجع موثوقية الولايات المتحدة
سي ان ان
++++
لجأت باكستان، بعد أن أدّى أول اختبار نووي عليها عام 1998 إلى فرض عقوبات دولية عليها وإلى عزلتها دبلوماسيًا، لطلب المساعدة من حليف قديم: السعودية.

طلب خالد محمود، الذي كان يشغل حينها منصب سفير…

— ZaidBenjamin زيد بنيامين (@ZaidBenjamin5) September 18, 2025

 

السعودية تعمل مع كل دولة تحقق مصالحها بالمقام الأول
وهذي سياسه واضحه .. وايضا تحتفظ بعلاقات ايجابيه مع كل دول العالم العظمى
هذي سياسه واضحه و صريحه ولا تخفى على أحد ✔ 💚

— سلمان الشمري (@salmanshammar17) September 18, 2025

 

جدل حول المظلة النووية
من أبرز ما أثار النقاش، تساؤلات حول ما إذا كانت السعودية تسعى إلى مظلة ردع نووية عبر هذا الاتفاق.
فبينما أكدت باكستان رسميًا أن الاتفاقية لا تشمل أي التزامات نووية، يرى محللون أن مجرد توقيعها يفتح الباب لتكهنات بشأن إمكانية الاستفادة من القوة النووية الباكستانية بشكل غير مباشر.

أحد المحللين العرب كتب: "الرياض لم تُخفِ يومًا حاجتها لمعادلة الردع مع طهران وتل أبيب، والآن وجدت في باكستان شريكًا يملك ما ينقصها".
 

خبراء استراتيجيون: قوة رمزية تحتاج لتفعيل
الخبير العسكري المصري اللواء د. سيد غنيم أوضح أن "الفكرة من الناحية الاستراتيجية كبيرة وواعدة، لكنها تحتاج إلى إرادة قوية، وتنسيق سياسي وعسكري، والأهم وجود تهديد مشترك محدد".

غنيم أضاف أن التحالفات الدفاعية كثيرًا ما تُعلن لكنها لا تصمد طويلًا إذا لم تُبنَ على آليات واضحة لتبادل المعلومات والتنسيق العملياتي.
خبير آخر، الباكستاني المتقاعد الجنرال ناصر خان، رأى أن الاتفاق يوفر لبلاده فرصة لإعادة التموضع في الشرق الأوسط، مقابل دعم اقتصادي سعودي يعزز استقرار إسلام أباد الداخلي.
 

مخاوف إقليمية ودولية
في المقابل، عبّر مراقبون عن قلقهم من أن الاتفاق قد يُفجّر حساسيات مع الهند، التي قد ترى فيه تهديدًا مباشرًا لأمنها، خاصة إذا ارتبط بمظلة نووية.

إيران أيضًا قد تعتبره محاولة لتطويق نفوذها الإقليمي.
وعلى الصعيد الغربي، هناك تساؤلات عن مدى التزام واشنطن وحلفائها بسياسة ضبط التوازن إذا ما توسّع التعاون العسكري بين الرياض وإسلام أباد إلى مستويات أكثر عمقًا.

تقرير لوكالة "رويترز" أشار إلى أن "الغموض حول تفاصيل الاتفاقية يترك المجال مفتوحًا أمام تفسيرات متباينة، قد تُربك حسابات عواصم عدة".
 

تحديات التفعيل العملي
الخبراء يجمعون على أن التحدي الأكبر يكمن في تحويل الاتفاق من نص سياسي إلى واقع ميداني.
فالمسافة الجغرافية بين البلدين كبيرة، وتوحيد البنية التحتية العسكرية ليس أمرًا يسيرًا. كما أن التنسيق الاستخباراتي يتطلب ثقة عميقة لم تُختبر بعد.

الخبير السعودي د. ماجد التركي يرى أن "الاتفاقية في جوهرها إعلان نوايا، لكن تفعيلها يحتاج إلى تدريبات مشتركة، قواعد لوجستية، وربما قوات تدخل سريع مشتركة، وهو ما لم يُعلن عنه حتى الآن".
 

أبعاد اقتصادية وسياسية
جانب آخر أبرزه بعض الخبراء يتعلق بالبُعد الاقتصادي؛ فالسعودية تُعتبر أحد أكبر الداعمين الماليين لباكستان، سواء عبر الودائع أو الاستثمار.
من هنا، يرى محللون أن الاتفاق الأمني قد يكون جزءًا من صفقة أشمل تشمل التعاون في مجالات الطاقة، البنية التحتية، وربما تزويد السعودية بالخبرات الباكستانية في مجال الصناعات الدفاعية.

محلل سياسي باكستاني قال إن "الاتفاق ليس مجرد ورقة عسكرية، بل هو بوابة لمصالح متبادلة قد تنقذ باكستان من أزماتها الاقتصادية، وتوفر للسعودية مظلة قوة إضافية".