في لحظة مفصلية تشهدها غزة تحت القصف والدمار، انعقدت قمة الدوحة العربية الإسلامية الطارئة. لكن بدلاً من أن تمثّل بارقة أمل أو تحوّلًا في المواقف العربية، أثارت القمة موجة غضب عارمة بين النخب الفكرية والسياسية والصحفية، التي رأت أن ما جرى لم يكن أكثر من "استعراض خطابي" يسبق مجازر جديدة ضد المدنيين.

 

الهواري: القمة تمهيد للمجازر

الكاتب الصحفي أنور الهواري اعتبر أن اجتماع القادة العرب والمسلمين لم يقدّم شيئًا فعليًا، بل بدا كأنه تمهيد لمجازر سيرتكبها العدو في غزة من اليوم فصاعدًا. الهواري لخّص الموقف بعبارة لاذعة: "بئست القيادة قيادة العرب". كلماته تعكس فقدان الثقة التام في قدرة هذه الاجتماعات على حماية شعب محاصر يباد يوميًا.

 

البرادعي: قهر وانهيار القيم

السياسي المصري محمد البرادعي استخدم لغة صادمة لوصف المشهد. كتب أن هناك شعورًا بالقهر لا يمكن وصفه حين يرى الإنسان أهله يُبادون وتُسلب إنسانيتهم، بينما يكتفي القادة بإدانات "مبتذلة". بالنسبة له، ما يجري هو تجلٍّ لانهيار أمة وقيمها، حيث صارت البيانات الورقية ستارًا للعجز والخذلان.

 

نظام المهداوي: ازدواجية وتراخي

الإعلامي الفلسطيني نظام المهداوي ركّز على غياب الآليات الملزمة. برأيه، القمة لم تفرض أي مسار عملي للمحاسبة الدولية أو لوقف العدوان، وتركت الباب مفتوحًا أمام ازدواجية المواقف. المهداوي حذّر من أن هذا التراخي يمنح إسرائيل ضوءًا أخضر للاستمرار، ويحوّل القمم إلى مجرد مظلة لتبرير الصمت.

 

الزعاترة: قمة شكلية بلا أدوات ضغط

الكاتب والمحلل ياسر الزعاترة هاجم بدوره القمة عبر سلسلة تعليقات على منصاته. أكد أن القمة لم تتجاوز الشعارات، وأنها لم تُجبر أي دولة على اتخاذ قرارات سياسية أو اقتصادية تضغط على الاحتلال. الزعاترة وصف ما جرى بأنه "اجتماع رمزي" لا يرقى لمستوى التحديات، محذرًا من أن إسرائيل تقرأ هذا العجز جيدًا.

 

عمار علي حسن: مأزق البنية العربية

المفكر المصري عمار علي حسن رأى في قمة الدوحة امتدادًا لأزمة بنيوية في النظام العربي: غياب المؤسسية والالتزام الجماعي. برأيه، الأزمة ليست في البيان ذاته، بل في منظومة القمم التي تفتقد آلية تنفيذ ومتابعة. حسن يؤكد أن تكرار الاجتماعات بلا فعل يجعل الشعوب أسيرة للخذلان المتواصل.

 

وائل قنديل: شعارات جوفاء

الكاتب الصحفي وائل قنديل استخدم نبرة ساخرة للتعليق على ما جرى، معتبرًا أن الدعوات الفضفاضة لا تصنع سياسة ولا توقف مجازر. انتقد ما وصفه بـ"لغة خشبية" تكرّرت في كل القمم السابقة، مؤكّدًا أن ما لم تُترجم القرارات إلى مقاطعة أو عقوبات أو إجراءات ملموسة، فستظل مجرد كلام في الهواء.

 

نقاط الغضب المشتركة

غياب الفعل الملزم: لا قرارات بقطع علاقات، ولا خطوات لفرض عقوبات.

الطابع الرمزي: القمة كانت شكلية أكثر منها عملية.

استمرار الخطر: العدوان يتواصل دون رادع، ما يشي بتوسع التهجير والقتل.

أزمة الثقة: الشعوب تفقد إيمانها بالقيادة العربية كلما تكرر هذا السيناريو.

وأخيرا فبينما كانت قمة الدوحة مناسبة لإظهار وحدة عربية ـ إسلامية في الخطاب، جاءت ردود فعل الخبراء والمثقفين لتكشف حجم الهوة بين الشعارات والواقع. الهواري والبرادعي عبّرا عن القهر واليأس، المهداوي والزعاترة فضحا غياب الآليات، عمار علي حسن وضع الأزمة في إطارها البنيوي، ووائل قنديل لخصها بأنها شعارات بلا معنى.

النتيجة واحدة: القمة بلا أفعال.