شهدت العاصمة الأردنية عمّان، حدثًا أثار موجة غضب عارمة في الأوساط الشعبية والحقوقية، بعد أن أعلنت منظمة “أحرار لحقوق الإنسان” عن اعتقال المخرج التلفزيوني والمنتج السينمائي أحمد عدنان الرمحي، أحد أبرز الوجوه الثقافية والسياسية المناهضة للتطبيع والداعمة للقضية الفلسطينية.
الاعتقال لم يأتِ في فراغ، بل ضمن سلسلة من الممارسات الأمنية التي تستهدف الناشطين المتضامنين مع غزة، في وقت يتزايد فيه الغضب الشعبي الأردني من موقف النظام الرسمي الذي يظهر بمظهر “المدافع عن فلسطين” خارجيًا، بينما يضيق ذرعًا بأي صوت داخلي يفضح تناقضاته.
 

تفاصيل عملية الاعتقال
بحسب رواية المنظمة الحقوقية، فقد أقدمت قوات الأمن على اعتقال الرمحي في منطقة الجاردنز وسط عمّان، ثم اقتادته إلى منزله حيث أجرت عملية تفتيش واسعة وصادرت أجهزة إلكترونية ومقتنيات شخصية، قبل نقله إلى جهة مجهولة.
الرمحي، الذي شغل سابقًا منصب أمين سر الهيئة الإدارية المنحلة لجمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية وناطِقها الإعلامي، ليس غريبًا على هذه الممارسات، إذ سبق أن تم اعتقاله خلال مشاركته في مسيرات تضامنية مع غزة، ما يعكس استهدافًا ممنهجًا له ولغيره من الناشطين.
 

اعتقالات ممنهجة ضد المتضامنين
قضية الرمحي ليست إلا حلقة في سلسلة أوسع من الاعتقالات، حيث شنت السلطات الأردنية في الأشهر الماضية حملات طالت عشرات الناشطين المشاركين في الوقفات التضامنية أمام السفارة الإسرائيلية في الرابية، والسفارة الأمريكية في عبدون.

التهم كانت دائمًا واحدة: رفع الصوت تضامنًا مع الفلسطينيين ورفض التطبيع.
كما فرضت السلطات قيودًا على الإعلام، ومنعت التجمعات الجماهيرية، في مشهد يتناقض مع ما يروّجه النظام خارجيًا عن التزامه بالدفاع عن القدس والمقدسات.
 

ازدواجية الموقف الرسمي
المفارقة الصارخة تكمن في أن الملك عبد الله الثاني يقدم نفسه في المحافل الدولية كمدافع عن فلسطين، بينما يواصل قمع أبناء شعبه الذين يعتبرون فلسطين قضيتهم المركزية.
هذه الازدواجية تحولت، بحسب مراقبين، إلى خيانة سياسية، إذ يتمسك النظام باتفاقية وادي عربة التي كرّست التطبيع مع إسرائيل، في حين يُمنع الأردنيون من التعبير عن غضبهم إزاء جرائم الاحتلال.