شهدت مقاطعة بولتافا الأوكرانية فضيحة مدوّية، بعدما أعلنت السلطات المحلية أحد أبرز الشخصيات التي طالما قدّمت نفسها في السابق باعتبارها قياديًا في الجالية المصرية، إثر تورطه في جريمة بشعة تمثلت في خطف وتعذيب فتاة أوكرانية، وهي الحادثة التي تحولت سريعًا إلى قضية رأي عام أثارت جدلًا واسعًا داخل المجتمعين الأوكراني والمصري على حد سواء.
 

تفاصيل الجريمة: غيرة تتحول إلى عنف
بحسب بيان رسمي صادر عن مكتب المدعي العام في بولتافا، فإن المتهم – الذي يحمل إقامة دائمة في أوكرانيا – تعرف على الضحية عبر وسائل التواصل الاجتماعي عام 2024.
وبعد علاقة قصيرة، استدرجها أواخر يوليو الماضي واحتجزها قسرًا، حيث انهال عليها بالضرب وحاول خنقها باستخدام وسادة وكيس بلاستيكي.

كما أجبرها على أفعال مهينة، منها تقبيل قدميه والزحف على ركبتيها، في مشهد أثار استياءً عامًا وُصف في وسائل الإعلام بأنه “سلوك أقرب إلى ممارسات العصابات المنظمة لا تصرفات فرد طبيعي”.

الصدفة وحدها أنقذت الضحية، إذ تمكنت من التواصل مع ابنتها التي سارعت بالاتصال بخط الطوارئ (112)، ما أتاح للشرطة التدخل الفوري وإنقاذها، لتلقي القبض على المتهم وتضعه رهن الاحتجاز على ذمة التحقيق.
النيابة العامة صنّفت القضية تحت بند “التعذيب” وفق المادة (127) من القانون الجنائي الأوكراني، ما يعني أن العقوبات قد تكون صارمة في حال إدانته.
 

الجالية المصرية في موقف حرج
اللافت أن القضية لم تتوقف عند حدود الجريمة الجنائية، بل ارتبطت مباشرة باسم الجالية المصرية في أوكرانيا، بعدما انتشرت صور وفيديوهات قديمة للمتهم يعرّف نفسه فيها على أنه “نائب رئيس الجالية المصرية”.
الأمر وضع أبناء الجالية في موقف محرج، خصوصًا أن وسائل الإعلام الأوكرانية ربطت الجريمة باسمهم بشكل مباشر.

ولاحتواء الموقف، أصدرت مؤسسة “البيت المصري” – الممثل الرسمي للجالية – بيانًا نفت فيه أي صلة تنظيمية لها بالمتهم، مؤكدة أنه مفصول من عضوية الجالية منذ أغسطس 2023، وأنه يواصل تقديم نفسه زورًا كقيادي، رغم فقدانه أي صفة رسمية.
البيان شدد على أن الجالية لم تفوضه للحديث باسمها، وأنها تتابع تطورات القضية عن كثب، محذّرة من صفحات ومصادر إعلامية تبث أخبارًا مغلوطة بهدف التشويه وإحداث البلبلة.
 

سجل أسود وشبهات سياسية
المتهم، ويدعى أحمد محمد السعيد – المعروف إعلاميًا بـ”أحمد بوكس”، لم يكن مجرد مهاجر عادي؛ بل شخصية مثيرة للجدل داخل أوساط المصريين في أوكرانيا.
تقارير وشهادات عديدة تحدثت عن ممارساته السابقة، حيث وُصف بأنه أحد “البلطجية” الذين استُخدموا لترهيب الطلاب والمعارضين المصريين في كييف وخاركيف، وسط اتهامات بأنه كان على صلة غير مباشرة بالسفارة أو القنصلية المصرية، بهدف التضييق على الأنشطة الطلابية والسياسية المعارضة للنظام المصري.

هذه الخلفية جعلت كثيرين يعتبرون أن الجريمة الأخيرة ليست مجرد تصرف فردي، بل انعكاس مباشر لثقافة “العنف والبلطجة” التي غذتها السلطات المصرية في الداخل وتم تصديرها للخارج.