تقول موظفة في منظمة الشبكة الدولية للعون والغوث والمساعدة: "أنا جائعة، بالكاد أستطيع الوقوف". بينما تحلق الطائرات الإسرائيلية فوق الرؤوس، يتجول الناس المنهكون بأوانٍ فارغة بحثًا عن مطبخ مجتمعي، وأقصى ما يحصلون عليه مرق خفيف، إن وُجد. الأمهات لا يملكن الحليب لأطفالهن، والمستشفيات تفتقر إلى بدائل التغذية.

بحسب تقرير نشره أتلانتيك كاونسل، تزداد معاناة سكان غزة نتيجة سياسة إسرائيلية ممنهجة لتجويعهم، وهو ما وثقته منظمات حقوقية إسرائيلية مثل "بتسيلم" و"أطباء من أجل حقوق الإنسان"، التي وصفت ما يجري بـ"الإبادة الجماعية". السلطات الإسرائيلية تمنع دخول المساعدات، وتعرقل وصولها الآمن، وتنشر روايات كاذبة تزعم أن حركة حماس تسرق المعونات.

فريق الشبكة الدولية للعون والغوث والمساعدة في غزة وثّق توزيع خضروات طازجة مصدرها البيوت الزراعية المحلية النادرة، بسعر خيالي يقارب 120 دولارًا مقابل 6 كيلوجرامات. الأطفال يفرحون كأنهم تلقوا حلويات، بينما يخرجون من الصناديق خيارًا بدلاً من الشوكولاتة.

حتى من يملك راتبًا، كالأطباء والصحفيين، لا يستطيعون تأمين الطعام دون أن يعرضوا أنفسهم للخطر. أطباء في مستشفيات غزة ينهارون من الجوع أثناء عملهم. وأشارت منظمة "أطباء بلا حدود" إلى أن 25% من المرضى الذين تستقبلهم يعانون من سوء التغذية، غالبيتهم أطفال دون سن الخامسة.

منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، سجلت وزارة الصحة في غزة 147 وفاة بسبب سوء التغذية، بينهم 88 طفلًا. العدد الحقيقي مرجح للارتفاع، نظرًا لغياب التشخيص الدقيق في حالات كثيرة. أحد الأطفال المصابين بالشلل الدماغي توفي بعد انقطاع المساعدات، رغم تحسن حالته سابقًا بفضل الغذاء العلاجي.

في مارس، أغلقت إسرائيل المعابر بشكل تام لشهرين، ومنعت دخول أي مساعدات. وفي مايو، دعمت إسرائيل والولايات المتحدة إنشاء "مؤسسة غزة الإنسانية" بديلاً عن النظام الإغاثي القائم، لكنها خصصت فقط أربعة مراكز توزيع بدلاً من 400 كانت تديرها منظمات معروفة، مما دفع الناس إلى عبور "المناطق الحمراء" الخطرة لجلب الطعام، حيث قُتل المئات وجُرح الآلاف برصاص الجيش الإسرائيلي والمقاولين المسلحين.

جنود إسرائيليون صرّحوا لصحيفة هآرتس بأنهم تلقوا أوامر بإطلاق النار على الحشود الجائعة، وأطلقوا على تلك العملية اسم "السمك المملح" على غرار لعبة الأطفال "إشارة حمراء، إشارة خضراء".

شهادات أخرى من مقاتلين سابقين ومقاولين أمنيين تشير إلى استخدام وحشي وعشوائي للقوة ضد مدنيين غير مسلحين.

أما المزاعم حول سرقة حماس للمساعدات، فقد نفتها المفوضية الأوروبية، وأكّدت تقارير أمريكية عدم وجود أدلة على ذلك. نتنياهو نفسه أقر بتسليح جماعات محلية في رفح تسيطر على بعض مناطق التوزيع.

حتى بعد موافقة إسرائيل على دخول الشاحنات، تفرض إجراءات تعجيزية، تشمل تقديم قوائم تفصيلية بكل حمولة، وإمكانية رفض أي صنف. التحركات داخل غزة تتطلب تنسيقًا مسبقًا، وتُعرقل كثيرًا في اللحظات الأخيرة.

أحيانًا تنتظر المنظمات ساعات للحصول على "الضوء الأخضر"، لتُفاجأ بتغييرات في نقطة الإنزال أو بإلغاء الإذن بالكامل، كما وثّقت الأمم المتحدة مؤخرًا.

عمليات الإسقاط الجوي التي وافقت عليها إسرائيل مؤخرًا بدعم من الأردن والإمارات تُعدّ رمزية وغير كافية، بل أُصيب فيها عدد من الأشخاص بجروح. بينما تمتلك الأمم المتحدة الغذاء الكافي لإطعام غزة لثلاثة أشهر، تستمر العراقيل في منع وصوله بشكل طبيعي.

المنظمات الإنسانية تؤكد أن فتح المعابر وحده لا يكفي. فالمصابون بسوء تغذية حاد يحتاجون إلى علاج خاص لأسابيع لتجنّب مضاعفات دائمة.

يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "ما نشهده ليس مجرد أزمة إنسانية، بل أزمة أخلاقية تهز ضمير العالم".

وفي نهاية التقرير، تحكي أروا ديمون عن طفل طلب من والدته خبزًا بدلاً من كعكة عيد ميلاده. أحضرت له موظفة الشبكة رغيفين وضعتهما فوق بعضهما، وأشعلت فوقهما شمعة لتمنحه لحظة من الفرح.

https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/inside-the-israeli-governments-starvation-of-gaza-from-an-aid-group-trying-to-deliver-food/