واصل سعر صرف الدولار تراجعه أمام الجنيه المصري، ليصل الدولار إلى أدنى مستوى له منذ بداية العام الجاري، مُسجلًا 48.7 جنيه، اليوم، بحسب البنك المركزي.
تحسن الجنيه أمام الدولار بمقدار 2.5% خلال الشهر الماضي، يعود إلى انتعاش تدفقات استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية، مثل أذون وسندات الخزانة المصرية، ليصل إجمالي حجمها إلى 46 مليار دولار في منتصف يونيو الماضي، بحسب بيانات اطلع عليها المحلل المالي بإحدى شركات الاستثمارات المالية، سعد علي، وتقديرات مصدر حكومي مطلع رفض نشر اسمه. ووصل التدفق ما بين 1-1.2 مليار دولار خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بحسب علي، والمصدر الحكومي، وآخر محلل مالي رفض نشر اسمه، تحدثوا إلى موقع “مدى مصر”.
يشار إلى أن مستويات دخول الأموال الساخنة الحالية مرتفعة للغاية بعد هروبها خلال فترة التوترات الإقليمية بين إيران وإسرائيل، يونيو الماضي، وكذلك مقارنة بمستويات التدفق قُبيل هذه الاضطرابات.
يعزز من شهية المستثمرين في أدوات الدين الحكومي سببان: أولًا، تحقيق عوائد مرتفعة، وصلت مطلع الأسبوع إلى 27.7% على أذون الخزانة أجل ستة أشهر، فضلًا عن تراجع التوقعات بخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بوتيرة سريعة خلال العام الجاري، بحسب علي والمحلل المالي، نتيجة معاودة التضخم صعوده على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة والمواصلات. كما يُرتقب تطبيق الحكومة زيادات سعرية إضافية تماشيًا مع خطة تحرير أسعار الطاقة المُتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، ما قد يتسبب في استمرار ارتفاع التضخم.
وشهدت معدلات التضخم تسارعًا ملحوظًا، خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، عقب أربعة أشهر من التباطؤ، وكانت بيانات مايو هي الأبرز، حين سجل التضخم الشهري أكبر ارتفاع منذ ثمانية أشهر، ويُشار إلى أن بنود الطاقة كانت المحرك الأساسي لهذه الارتفاع، على الرغم من تباطؤه في يونيو الماضي.
السبب الثاني، يتعلق بتراجع الدولار لأدنى مستوى له أمام العملات الأخرى عالميًا منذ السبعينيات، مع توقعات بمواصلة التراجع.
وخلال النصف الأول من العام الجاري فقط، تراجع الدولار بنحو 11% وفقًا لمؤشر «DXY»، وذلك نتيجة سياسات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المُهدِدة لاستقلال الفيدرالي، وضغوطه لبدء خفض سعر الفائدة بشكل كبير، ليتوجه المستثمرون إلى الأسواق الناشئة أو الذهب، بحسب على والمحلل المالي.
وعلى الرغم من ارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار، إلا أن المحلل المالي يشير إلى أن هذا التحسن لا يعني تحسنًا في الأداء الاقتصادي طالما استمر ميزان المدفوعات يعاني من فجوة كبيرة بين جميع التدفقات الدولارية مقابل الالتزامات
ولهذا يتفق كلا المحللين على أن هذا التحسن في الجنيه لا يعكس سوى عودة سخية من الأموال الساخنة، ما يخلق مُجددًا حالة من الهشاشة الاقتصادية، «الأموال الساخنة قنبلة موقوتة»، على حدّ وصف المحلل المالي.
كانت مصر شهدت تخارج المستثمرين في الأموال الساخنة بحوالي 22 مليار دولار، خلال فترة وجيزة عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، في الربع الأول من عام 2022، ما أدى إلى دخول البلاد في أزمة عملة أجنبية حادة استمرت عامين، ارتفع خلالها سعر الدولار من نحو 15 جنيهًا إلى 50 جنيهًا، عبر أربعة قرارات متتالية من البنك المركزي بتعويم الجنيه
ما أدخل البلاد في موجة تضخمية. ودفع هذا الخروج وزير المالية وقتها، محمد معيط، للإعتراف بخطأ الاعتماد على الأموال الساخنة والتأكيد على توجه الدولة لخفض اعتمادها عليها، وهو ما لم يحدث حتى الآن.