أعلنت جماعة الحوثي في اليمن دخول ما وصفته بـ"المرحلة الرابعة من الحصار البحري على العدو الإسرائيلي"، مؤكدة أنها ستستهدف من الآن فصاعدًا جميع السفن التابعة لأي شركة تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، بغض النظر عن جنسيتها أو وجهتها أو موقعها الجغرافي.

وأكد المتحدث العسكري باسم الجماعة، العميد يحيى سريع، في بيان نُشر عبر منصة "إكس"، أن هذا التصعيد يأتي كردّ مباشر على ما وصفه بـ"الاستمرار في حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة"، مضيفًا أن القرار يتخذ في ظل "صمت عربي وإسلامي وعالمي مخزٍ".

وأوضح سريع أن الشركات الملاحية التي تتجاهل تحذيرات الحوثيين وتواصل تعاملاتها مع الموانئ الإسرائيلية ستُعرّض سفنها للهجمات، مشيرًا إلى أن العمليات لن تقتصر على البحر الأحمر فقط، بل قد تمتد إلى أي مكان تستطيع فيه "القوات المسلحة اليمنية" الوصول إلى أهدافها، بحسب تعبيره.

 

سياق التصعيد: البحر الأحمر ميدانًا للاشتباك

تأتي هذه الخطوة في إطار عمليات بحرية متواصلة تنفذها جماعة الحوثي منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، وكانت الجماعة قد بدأت بالفعل في استهداف سفن تجارية تقول إنها مرتبطة بإسرائيل أو تتعامل مع موانئها، الأمر الذي أدى إلى اضطرابات كبيرة في حركة الملاحة العالمية، وخاصة في البحر الأحمر وخليج عدن.

في مايو الماضي، أعلنت الجماعة فرض "حظر بحري" على ميناء حيفا، داعية الشركات العالمية إلى التوقف عن التعامل مع الميناء الإسرائيلي، واعتبار تحذيراتها بمثابة إنذار مباشر من المخاطر المحتملة.

وفي تطور لافت، تشير تقارير إعلامية عبرية إلى أن ميناء إيلات الإسرائيلي يشهد حالة من الإغلاق شبه التام نتيجة توقف النشاط الملاحي، وتراكم الديون، بعد أن تراجعت إيرادات الميناء إلى الصفر تقريبًا. ووفقًا للجزيرة، فإن هذا الشلل يعود إلى عزوف شركات الشحن العالمية عن المرور عبر البحر الأحمر والمضائق القريبة، بسبب التهديدات المتكررة من قبل جماعة الحوثي.

 

الأبعاد الاقتصادية والعسكرية

يُعد هذا التصعيد من قبل الحوثيين جزءًا من محاولة أوسع لإعادة تعريف قواعد الاشتباك في المنطقة، وربط مخرجات الحرب في غزة بالمعادلات الإقليمية. فبحسب مراقبين، تهدف الجماعة إلى تشكيل ورقة ضغط اقتصادية حقيقية على إسرائيل من خلال استهداف الشرايين البحرية الحيوية التي تعتمد عليها في وارداتها وصادراتها، خصوصًا عبر البحر الأحمر وقناة السويس.

وتخشى شركات الملاحة العالمية من أن تتوسع دائرة الاستهداف لتشمل السفن التي لا ترفع العلم الإسرائيلي لكنها تتعامل تجاريًا مع تل أبيب، ما قد يؤدي إلى أضرار واسعة على سلاسل الإمداد العالمية، وزيادة في أسعار الشحن والتأمين، لا سيما في ظل هشاشة الأمن البحري في مضيق باب المندب.

 

توقيت متزامن مع صمت دولي

البيان الحوثي الجديد يأتي بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي هجماته على قطاع غزة، مخلّفًا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وسط تدهور كارثي للأوضاع الإنسانية، وتحت وطأة حصار خانق يمنع دخول الإمدادات الأساسية من الغذاء والدواء والمياه.

وفي ظل غياب موقف حاسم من القوى الإقليمية والدولية، توظف جماعة الحوثي هذا الصمت لتبرير ما تسميه بـ"المسؤولية الأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني"، وربط تحركاتها العسكرية في البحر الأحمر بالتطورات الميدانية في غزة، ما يضيف بعدًا سياسيًا وأخلاقيًا لتبرير عملياتها.

شاهد:

https://t.me/army21ye/3229