في 3 يوليو 2013، قاد الفريق عبد الفتاح السيسي انقلاباً عسكرياً دموياً على أول رئيس مصري منتخب ديمقراطياً، الدكتور الشهيد محمد مرسي، معطلاً الدستور ومعتقلاً الرئيس المنتخب في مكان غير معلوم، ومصدراً أوامر باعتقال 300 عضو من الإخوان المسلمين.
هذا الانقلاب الذي حاول السيسي تسميته "ثورة" أو "استجابة لمطالب شعبية"، كان في حقيقته انقلاباً عسكرياً كلاسيكياً اعترف به الاتحاد الأفريقي نفسه الذي جمّد عضوية مصر بسبب الانقلاب العسكري.
بعد 12 عاماً من هذا الانقلاب الدموي، لا يزال السيسي يحاول شرعنة ما لا يُشرعن، بينما يخطط لتعديل دستوري جديد يسمح له بالبقاء في السلطة حتى الموت. الرجل الذي تعهد في لقاء تلفزيوني بالولايات المتحدة بأنه ضد زيادة مدد ولاية الرئيس عن مدتين، سرعان ما أنكر وعده وعدّل الدستور عام 2019 ليمدد فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، ويسمح لنفسه بالبقاء حتى 2030.
السيسي الفرعون بيعدل الدستور للخلود على عرش #مصر.. وناصر يرد: مصر محتاجة حرية!
— محمد ناصر (@M_nasseraly) November 24, 2025
شاهد الأن ✅ https://t.co/ksGAsTk3rW #محمد_ناصر #مصر_النهاردة #السيسي #السيسي_خاين_وعميل #الشعب_المصري pic.twitter.com/1mYWs4TQOn
حملة تعديل الدستور لتمديد حكم عبد الفتاح السيسي
نشر الإعلامي محمد ناصر تساؤلاً ساخراً حول حملة تعديل الدستور لتمديد حكم عبد الفتاح السيسي عبر تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقاً) ، متسائلاً عن "السر" وراء هذه الحملة المفاجئة.
ناصر: حملة تعديل الدستور لتمديد حكم عبد الفتاح السيسي.. يا ترى إيه السر؟! pic.twitter.com/l4AdS7LvSK
— قنــــاة مكملين - الرسمية (@MekameleenMk) November 24, 2025
خلفية الحملة وسياقها
تأتي هذه الحملة في سياق دعوات متصاعدة من إعلاميين مقربين من السلطة لتعديل الدستور مرة أخرى بعد تعديل 2019 الذي مدد ولاية السيسي حتى 2030. أبرز هؤلاء الإعلامي محمد الباز الذي أطلق دعوة صريحة لتعديل الدستور بما يفتح الباب أمام بقاء السيسي في الحكم بعد 2030.
السر الذي يشير إليه ناصر حمد ساخراً يتعلق بالتوقيت المدروس: الحملة تتزامن مع انتخابات مجلس النواب 2025 التي تشهد تزويراً فاضحاً وشراء أصوات منظم لضمان برلمان موالٍ بالكامل. هذا البرلمان المزور سيكون قادراً على تمرير أي تعديلات دستورية يريدها النظام دون أي معارضة حقيقية.
المحللون السياسيون يعتبرون انتخابات 2025 هي الأخطر منذ انقلاب 2013، لأنها تمهد لتعديل دستوري جديد يسمح للسيسي بالبقاء في السلطة إلى أجل غير مسمى، على غرار ديكتاتوريين أفارقة مثل رئيس الكاميرون بول بيا البالغ 92 عاماً.
نمط متكرر من نكث الوعود
السخرية في تساؤل ناصر حمد تعكس إدراك المصريين لنمط متكرر: السيسي تعهد بعدم الترشح للرئاسة ثم ترشح، تعهد بعدم تمديد الولايات ثم عدّل الدستور عام 2019، والآن يخطط لتعديل ثالث رغم أن ولايته الحالية لا تنتهي إلا عام 2030. هذا النمط يؤكد أن "السر" ببساطة هو جشع السلطة ورفض التخلي عنها تحت أي ظرف.
التعليقات على هذه الحملة تتراوح بين السخرية المريرة والغضب الشديد، حيث يرى المصريون أن الحديث عن تعديل دستوري جديد بينما البلاد تعاني من أزمات اقتصادية خانقة وانهيار في الخدمات وتزوير فاضح للانتخابات، يعكس انفصالاً تاماً عن واقع الشعب وأولوياته.
ديمقراطية مزيفة واستفتاءات مسرحية
بعد الانقلاب، شرع السيسي في تعطيل دستور مرسي وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد يخدم مصالحه. في يناير 2014، أجرى استفتاءً على هذا الدستور وسط حملة إعلامية ضخمة صورت التصويت بـ"نعم" كواجب وطني وخطوة في محاربة الإرهاب، بعد حظر جماعة الإخوان المسلمين التي رفضت الموافقة عليه. النتيجة كانت متوقعة: 98.1% صوتوا بـ"نعم"، في رقم فاضح يكشف حجم التزوير.
في مايو 2014، أجرى السيسي انتخابات رئاسية هزلية حصل فيها على 96.9% من الأصوات بـ23.78 مليون صوت، مقابل 3.1% فقط لمنافسه حمدين صباحي، وهي نسبة أقل حتى من الأصوات الباطلة التي بلغت 4.07%. هذه الأرقام الكاريكاتورية التي تذكر بانتخابات الأنظمة الديكتاتورية الأفريقية، تؤكد أن العملية برمتها لم تكن سوى مسرحية لإضفاء شرعية زائفة على حكم عسكري قائم على الدم والقمع.
تعديل دستوري لحكم مدى الحياة
رغم أن السيسي ضمن لنفسه البقاء حتى 2030 بعد تعديل الدستور عام 2019، إلا أن جشعه للسلطة لا يعرف حدوداً. تتصاعد حالياً دعوات من إعلاميين مقربين من النظام لتعديل الدستور مرة أخرى للسماح للسيسي بالبقاء في الحكم حتى الموت، على غرار الديكتاتور الكاميروني بول بيا البالغ 92 عاماً والذي يستعد لولاية ثامنة.
التوقيت ليس عشوائياً: انتخابات مجلس النواب 2025 المزورة بالكامل ستوفر للنظام برلماناً موالياً 100% قادراً على تمرير أي تعديلات دستورية يريدها السيسي. هذه الانتخابات التي شهدت تزويراً فاضحاً وشراء أصوات بالجملة واعتقال مرشحين احتجوا على التزوير، هي الأخطر منذ انقلاب 2013 لأنها قد تمهد لتعديل دستوري يحول مصر إلى ديكتاتورية مدى الحياة.
من "ثورة" مزعومة إلى استبداد مطلق
السيسي الذي ادعى أنه "استجاب لمطالب الشعب" في 2013، حول مصر إلى سجن كبير يعاني فيه المواطنون من القمع والفقر وانهيار الخدمات. الرجل الذي تعهد بعدم الترشح للرئاسة، ثم ترشح وفاز بـ96.9%، ثم تعهد بعدم تمديد الولايات، ثم عدّل الدستور ليبقى حتى 2030، يخطط الآن لتعديل ثالث ليبقى حتى الموت.
هذا المسار يؤكد أن السيسي لم يكن يوماً "منقذاً" أو "مستجيباً لمطالب شعبية"، بل كان انقلابياً جشعاً للسلطة لا يحترم دستوراً ولا قانوناً ولا وعوداً. الانقلاب الذي بدأ بعزل رئيس منتخب وقتل مئات المعتصمين في رابعة، يتطور الآن نحو ديكتاتورية مطلقة تحاول ترسيخ حكم السيسي مدى الحياة، في تحدٍ صارخ لإرادة الشعب ولأبسط مبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
الخلاصة: ديكتاتور يرفض الرحيل
من انقلاب 3 يوليو 2013 الدموي، إلى مجزرة رابعة في أغسطس 2013، إلى استفتاءات وانتخابات مزورة بنسب 98%، إلى تعديل دستوري أول عام 2019، وصولاً إلى التخطيط لتعديل ثانٍ يسمح له بالبقاء حتى الموت، يرسم السيسي مساراً واضحاً لديكتاتور عسكري لا يحترم إرادة شعبه ولا يعترف بحق أي شخص آخر في حكم مصر. والسؤال الذي يطرح نفسه: إلى متى سيستمر هذا الاستبداد؟ ومتى سيدرك الشعب المصري أن الشرعية الحقيقية لا تأتي من انقلابات عسكرية ولا من استفتاءات مزورة، بل من إرادة حرة وصناديق نزيهة؟

