شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة موجة تصعيد لافتة مع انتشار هاشتاج الامارات تقتل السودانيين، الذي تحول إلى منصة رقمية ضخمة لتوثيق الانتهاكات المنسوبة إلى الدعم الإماراتي لمليشيا الدعم السريع في السودان. الحملة، التي قادها ناشطون سودانيون وعرب، جذبت اهتمامًا عالميًا بعد تداول مقاطع وشهادات توثق جرائم قتل وتنكيل بحق المدنيين في عدد من مناطق النزاع، خصوصًا في مدينة الفاشر.

 

سياق الحملة وتطوراتها الميدانية

 

تصاعد هذه الحملة جاء في ظل تقارير متداولة تفيد بتقديم الإمارات دعمًا عسكريًا متنوعًا لمليشيا الدعم السريع، من عربات قتالية إلى طائرات مسيرة، يقال إنها تُنقل عبر مطار أم جرس في تشاد. هذا الدعم المزعوم، وفق ما نشره ناشطون وإعلام بديل، عزز قدرات المليشيا على تنفيذ عمليات واسعة خلّفت عشرات المجازر بحق المدنيين، كان أبرزها ما شهدته الفاشر من سقوط أعداد كبيرة من الضحايا خلال الأسابيع الماضية.

 

في المقابل، حاولت الإمارات التقليل من مسؤوليتها مع ازدياد الضغط الإعلامي، بينما استمرت صفحات وحسابات رقمية في نشر أدلة ووثائق تشير إلى استمرار تدفق الأسلحة إلى مليشيا الدعم السريع، وسط اتهامات مباشرة لقيادات إماراتية بالوقوف وراء هذا المسار.

 

الاتهامات المتعلقة بالتمويل والدعم اللوجستي

 

موجة التفاعل الواسعة حول الهاشتاج أسهمت في تسليط الضوء على شبكة معقدة من المصالح الاقتصادية والارتباطات السياسية التي يُشتبه بأنها تدعم المليشيا. الناشطون نشروا تسجيلات لمقاتلين يتفاخرون بقتل المدنيين، إلى جانب صور ومقاطع تُظهر استعمال أسلحة حديثة يُعتقد أنها وصلت عبر قنوات إماراتية غير رسمية. كما تداول إعلاميون سودانيون تقارير تكشف عن تورط شركات مرتبطة بالإمارات في نقل مرتزقة أجانب للمشاركة في القتال.

 

هذه المعطيات دفعت كثيرين إلى تحميل المسؤولية السياسية والأخلاقية للقيادة الإماراتية، خصوصًا في ظل تزايد توثيق عمليات قتل جماعي وحرق جثث في مناطق النزاع.

 

الغضب الشعبي واتساع دوائر الاحتجاج

 

الحملة الرقمية لم تبق محصورة في الإنترنت، بل توسعت انعكاساتها إلى احتجاجات ميدانية داخل السودان، وفعاليات تضامن في عدة دول عربية وأوروبية. دعوات عديدة رفعت شعار محاسبة الداعمين الخارجيين للدعم السريع، مع مطالبات واسعة بوقف أي دعم سياسي أو عسكري وتسليم المتورطين في جرائم الحرب إلى العدالة الدولية.

 

في الوقت ذاته، ارتفعت الأصوات المطالبة بمقاطعة المنتجات الإماراتية والمشاريع المرتبطة بها، في محاولة للضغط الشعبي على أبو ظبي لوقف تدخلها في الصراع السوداني وفق ما يؤكده الناشطون.

 

محاولات التبرير الإماراتية وردود الفعل

 

في ظل اتساع نطاق الاتهامات، أصدرت الإمارات عدة تصريحات حاولت من خلالها إظهار أن ما يجري في السودان ناتج عن صراعات داخلية لا علاقة لها بالدعم الخارجي. إلا أن غياب الرد المباشر على الاتهامات المتداولة أثار مزيدًا من التساؤلات ودفع مراقبين للحديث عن أزمة سمعة حقيقية تواجهها أبو ظبي في الفضاء الرقمي.

 

وأخيرًا  سؤال المسؤولية ومستقبل الأزمة

 

تعكس الحملة الرقمية المتصاعدة حجم الغضب الشعبي من الدور الإماراتي المزعوم في تأجيج الحرب السودانية، وتوضح كيف أصبحت منصات التواصل قوة ضغط فعالة في كشف الانتهاكات وتحريك الرأي العام. وبينما يستمر تداول الأدلة والشهادات، ترتفع الأصوات التي تطالب بمحاسبة المسؤولين عن إطالة أمد الحرب وتمكين المليشيات من ارتكاب جرائم بحق المدنيين.

 

ومع تزايد الضغط الشعبي والإعلامي، يبقى السؤال الحاسم: هل ستقود هذه الحملة إلى تغيير فعلي في مسار الدعم الخارجي، أم ستظل الأزمة السودانية رهينة توازنات إقليمية ومصالح تتجاوز معاناة السكان؟ الإجابة ستحدد مستقبل النزاع في السودان، وما إذا كان المجتمع الدولي سيتحرك لوقف مسار دموي طال أمده.