شهدت الساعات الأخيرة تصعيدًا عسكريًا خطيرًا على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حيث شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية صباح اليوم الخميس سلسلة غارات عنيفة على سلسلة جبال لبنان الشرقية في منطقة البقاع. وفقًا للوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية، نفذت إسرائيل هذه الغارات بحجة استهداف مواقع عسكرية تابعة لحزب الله، وهو ما يعكس استمرار التوترات بين حزب الله وإسرائيل التي دخلت مرحلة جديدة من التصعيد.

 

العمليات العسكرية الإسرائيلية: استهداف منشآت حزب الله

 

قال الجيش الإسرائيلي في بيان صادر عنه على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) إنه استهدف معسكرًا وموقعًا لإنتاج الصواريخ الدقيقة تابعين لحزب الله في منطقتي البقاع وشمال لبنان. وتُظهر تصريحات الجيش الإسرائيلي استمرارًا لسياساته العسكرية في لبنان، حيث زعم أن حزب الله كان يستخدم المعسكرات التدريبية لتأهيل عناصره على استخدام الذخيرة الحية والتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية ضد إسرائيل. واعتبر الجيش الإسرائيلي أن هذه الأنشطة، بما في ذلك تخزين الأسلحة، تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإسرائيلي، وهو ما دفعه لاستهداف بنى تحتية عسكرية وصاروخية في موقعين عسكريين شمال لبنان.


التصعيد الإسرائيلي هذا يأتي في وقت حساس، حيث لا يزال لبنان يعاني من آثار الحرب الأخيرة مع إسرائيل في 2024، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 4 آلاف شخص وإصابة نحو 17 ألف آخرين، حسب البيانات الرسمية. ويستمر التأثير المأساوي للحرب في تشكيل المشهد الإقليمي، في وقتٍ تتسارع فيه المفاوضات حول مسألة الحدود اللبنانية الإسرائيلية ومستقبل حزب الله في الجنوب اللبناني.


المناورات العسكرية الإسرائيلية: استعدادات لاحتمالات التصعيد


أعلنت إسرائيل عن بدء أوسع مناورة عسكرية لها منذ الهجوم الإسرائيلي على لبنان في أكتوبر 2023، والتي تمت بمشاركة الفرقة 91 التابعة للقيادة الشمالية. تهدف هذه المناورة العسكرية لاختبار القدرات الهجومية والدفاعية للجيش الإسرائيلي على طول الحدود مع لبنان، استعدادًا لأي تصعيد محتمل مع حزب الله. تأتي هذه المناورة العسكرية في سياق أوسع من التهديدات والضغوطات التي تمارسها إسرائيل على حزب الله في الفترة الأخيرة، حيث أدلى المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك، بتصريحات حذر فيها من إمكانية توجيه ضربات معرقلًا خطط حزب الله في لبنان.


التوترات المستمرة بعد اتفاق وقف إطلاق النار


فيما يخص الوضع في لبنان، كان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل قد دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024 بعد فترة طويلة من التصعيد الذي بدأ في أكتوبر 2023. لكن رغم ذلك، خرقته إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 269 شخصًا وإصابة أكثر من 500 آخرين. هذا التصعيد يسلط الضوء على هشاشة الاتفاقات السياسية والعرقلة المستمرة لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وفي هذا السياق، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابًا جزئيًا من جنوب لبنان، رغم استمراره في احتلال خمس تلال لبنانية تم الاستيلاء عليها خلال الحرب الأخيرة. هذا التحرك يعكس السياسة الإسرائيلية المستمرة في المنطقة والتي تتضمن شروطًا معقدة، مثل نزع سلاح حزب الله وسيطرة الجيش اللبناني على المناطق الحدودية.


الضغوط الدولية والمواقف الأمريكية والإسرائيلية


تشهد العلاقات الدولية المتعلقة بالأزمة اللبنانية تصاعدًا في الضغوط. الولايات المتحدة الأمريكية، عبر مبعوثها إلى المنطقة، قدمت خطة تتضمن التزام لبنان بحصر حيازة الأسلحة على أجهزة الأمن الحكومية الرسمية، ومنع إعادة تسليح الجماعات غير الحكومية مثل حزب الله. هذه الخطة أثارت الكثير من الجدل في لبنان، حيث حذر الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، من أن تنفيذ هذا القرار قد يؤدي إلى اندلاع "حرب أهلية"، مؤكدًا استعداد الحزب للدفاع عن سلاحه. في المقابل، اعتبرت حكومة لبنان أن هذا القرار يعكس رغبة إسرائيلية أمريكية في تحجيم دور حزب الله وإضعافه في سياق الضغط الإقليمي.
التداعيات السياسية والاقتصادية في لبنان


لبنان الآن في مفترق طرق، حيث تتزايد الضغوط على الحكومة اللبنانية لإيجاد حلول تتوافق مع المطالب الدولية، وفي ذات الوقت، تواجه البلاد تحديات اقتصادية وداخلية خطيرة. في أغسطس 2024، أعربت إسرائيل عن استعدادها لدعم لبنان في نزع سلاح حزب الله، وهو ما يتناقض مع مواقف الحزب الذي يرى في ذلك تسليمًا لإسرائيل. في ظل هذه التحديات، يواجه لبنان أزمة سياسية خانقة، في وقت يعاني فيه من أزمات اقتصادية مستمرة. لا تقتصر التداعيات على المستوى العسكري فقط، بل تمتد لتشمل الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها المواطن اللبناني.


في الختام، يظل الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية شديد التوتر، حيث تتوالى الضربات العسكرية الإسرائيلية ضد حزب الله، في وقت تسعى فيه القوى الدولية للضغط على لبنان لتحقيق الاستقرار. ومع غياب حلول واضحة أو توافقات شاملة بين الأطراف المعنية، يبقى مصير المنطقة محاطًا بمزيد من التحديات العسكرية والسياسية.