أثار قرار رئيس حكومة عبدالفتاح السيسي، مصطفى مدبولي بتمديد عمل لجان "الإيجار القديم" لمدة ثلاثة أشهر إضافية حالة واسعة من الجدل بين الملاك والمستأجرين في مختلف المحافظات، إذ رأى الملاك في القرار استمرارًا لحالة الجمود القانوني التي يعيشها هذا الملف منذ سنوات، بينما اعتبره المستأجرون خطوة متوقعة تهدف إلى تخفيف الأعباء عن الأسر المتضررة من تطبيق القانون الجديد.

وأصدر مدبولي، قرارًا رسميًا يقضي بتمديد عمل لجان حصر وتصنيف المناطق التي تضم وحدات سكنية مؤجرة بنظام الإيجار القديم حتى 5 فبراير المقبل، بدلًا من الموعد السابق الذي كان مقررًا في نوفمبر الجاري، وذلك ضمن إجراءات تنفيذ قانون الإيجار القديم رقم 164 لسنة 2025.

وبحسب نص القانون، تتولى هذه اللجان تحديد المناطق المتميزة والمتوسطة والاقتصادية استنادًا إلى عدة معايير، منها الموقع الجغرافي ومستوى البناء والمرافق والخدمات المتصلة بالعقارات.

وتُبنى على هذا التصنيف نسب الزيادة في القيم الإيجارية التي تصل إلى مضاعفة القيمة 20 مرة في المناطق المتميزة، و10 مرات في المتوسطة، و5 مرات في الاقتصادية، مع وضع حد أدنى يبدأ من 250 جنيهًا شهريًا.

وبموجب القرار الجديد، يستمر المستأجرون في جميع المحافظات في دفع الأجرة الموحدة المؤقتة بقيمة 250 جنيهًا شهريًا لحين انتهاء عمل اللجان وصدور القيم الجديدة، وهي نفس القيمة التي تم اعتمادها منذ صدور القانون في أغسطس الماضي.

 

الملاك غاضبون من قرار التمديد

من جانبهم، عبّر ممثلو اتحاد ملاك الإيجار القديم عن "غضب وإحباط شديدين" بسبب تمديد عمل اللجان، معتبرين أن القرار يكرّس استمرار معاناة الملاك ويحرمهم من أي عائد عادل يتناسب مع القيمة السوقية للعقارات.

وقال مصطفى عبد الرحمن، أحد ممثلي اتحاد الملاك: "القرار أصاب الملاك في جميع المحافظات بحالة من الإحباط الشديد، كان يفترض أن اللجان انتهت من أعمالها، فلماذا التأجيل مجددًا؟ نحن لا نحصل سوى على مبالغ رمزية لا تكفي حتى لصيانة العقار".

وأضاف عبد الرحمن أن "الإيجار البالغ 250 جنيهًا لشقة قيمتها السوقية 5000 جنيه شهريًا أمر لا يمكن وصفه بالعدالة"، مؤكدًا أن معظم الملاك "لا يشعرون بأي تغيير حقيقي بعد صدور القانون"، خاصة أن مشكلات مثل الشقق المغلقة أو المستأجرين الذين يمتلكون سكنًا بديلًا لا تزال بلا حل.

وأشار إلى أن "التمديد الجديد يضعف ثقة الملاك في جدية الدولة في إنهاء هذا الملف"، داعيًا رئيس الوزراء إلى "التدخل العاجل لإصدار تعليمات لشركات الكهرباء والغاز لتقديم بيانات تثبت خلو الشقق المغلقة، حتى يتمكن الملاك من استعادة حقوقهم القانونية".

 

المستأجرون يرحبون بالتمديد ويطعنون في القانون

في المقابل، وصف رئيس اتحاد مستأجري مصر، شريف الجعار، القرار بأنه "متوقع وطبيعي جدًا"، موضحًا أن اللجان لم تكن لتتمكن من إنهاء الحصر في المدة السابقة المحددة بثلاثة أشهر.

وقال الجعار: "الحكومة أدركت أن المستأجرين مرهقون حتى من الأجرة الرمزية الحالية، ولن يكون من المنطقي فرض زيادات جديدة قبل اكتمال الحصر، التمديد جاء حفاظًا على التوازن الاجتماعي".

كما كشف الجعار عن تقديمه دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري للطعن على قرار تشكيل لجان الحصر، مؤكدًا أن "القرار مجحف ومبهم ويخالف أحكام المحكمة الإدارية العليا"، وموضحًا أن أولى جلسات النظر في القضية ستكون في 22 نوفمبر الجاري.

وأوضح أن الطعن يستند إلى أن القانون ذاته "غير دستوري"، وأن الأسس التي اعتمدت عليها اللجان "تتجاهل الفروقات بين العقارات داخل المنطقة الواحدة"، مضيفًا: "كيف يمكن مساواة عمارة في شارع رئيسي بالزمالك أو المهندسين بعقار شعبي داخل زقاق؟ التقييم بهذه الصورة ظلم للمستأجرين ومخالف لمبدأ العدالة الدستورية".

وأشار الجعار إلى أن هدف الطعن هو الوصول بالقانون إلى المحكمة الدستورية العليا، التي يتوقع أن "تبطل أجزاء واسعة منه" استنادًا إلى أحكام سابقة تخص الإيجار القديم والتي أكدت ضرورة تحريك الأجرة تدريجيًا بنسبة مئوية وليس فرض قيمة جديدة بشكل فجائي.

 

جدل في المحافظات بين أمل الملاك ومخاوف المستأجرين

وفي مختلف المحافظات، تباينت ردود الأفعال بين الملاك والمستأجرين. ففي القاهرة والجيزة والإسكندرية، سادت حالة من الاستياء بين ملاك العقارات القديمة الذين يرون أن القرار "تأجيل متكرر يضر بمصالحهم"، بينما اعتبره مستأجرون في محافظات الصعيد والدلتا "فرصة لالتقاط الأنفاس" قبل أي زيادات مرتقبة.

وقالت منى إبراهيم، وهي مستأجرة من محافظة المنوفية: "لو زادت الأجرة فجأة ممكن ناس كتير تتشرد. التمديد مهم عشان الناس تلحق تظبط أوضاعها".

في المقابل، قال أحد الملاك من محافظة أسيوط: "القرار غير منصف، الشقة إيجارها في السوق 3000 جنيه وأنا باخد 250 بس. لسه بنتكلم في اللجان ولسه ما فيش نتيجة".

 

قانون مثير للجدل ومصير غير محسوم

وينص قانون الإيجار الجديد على فترة انتقالية تمتد إلى سبع سنوات للأماكن السكنية وخمس سنوات للوحدات غير السكنية، تنتهي بعدها العلاقة الإيجارية تمامًا مع التزام الدولة بتوفير بدائل سكنية مناسبة للمستأجرين الأصليين قبل عام من انتهاء المدة.

ورغم أن القانون جاء بدعوى "تحقيق العدالة للطرفين"، إلا أن تطبيقه العملي حتى الآن، كما يرى مختصون، "كشف عن ثغرات كبيرة في آلية التنفيذ وتقدير القيمة الإيجارية العادلة"، خاصة في ظل الفوارق الكبيرة بين المناطق داخل كل محافظة.