وجهت إيمان البديني، زوجة السياسي المعتقل محمد القصاص، نداءً مؤثراً إلى السلطات للسماح لزوجها بالخروج المؤقت من محبسه لزيارة والدته التي تمرّ بمرحلة حرجة من المرض. يأتي هذا النداء بعد ثماني سنوات من اعتقال القصاص، الذي حُرم خلالها من رؤية والدته المسنّة، وسط تدهور متسارع في حالتها الصحية والنفسية.

 

وقالت البديني، في منشور على صفحتها عبر موقع "فيسبوك" أرفقته بصورة لزوجها، إن والدة القصاص "باتت غير قادرة على الحركة تقريباً"، وإنها لم ترَ ابنها منذ عام 2018، رغم تقدّم الأسرة بعدة طلبات رسمية للسماح له بالزيارة، كان آخرها قبل أسبوعين، إلا أنّ "مصلحة السجون رفضت حتى استلام الطلب". وأضافت أنّ زوجها أبلغها خلال زيارته الأخيرة يوم الخميس الماضي بأنه بدوره تقدّم بطلب مماثل لإدارة السجن، دون أي استجابة حتى الآن.

 

وأعربت زوجة القصاص عن استغرابها من أن يتحوّل حلمها من الإفراج عن زوجها إلى مجرد التماس زيارة قصيرة لوالدته المريضة، متسائلة: "لماذا يُحرم ابنيها الوحيد من رؤيتها في أيامها الأخيرة؟ ولماذا يُصرّون على إبقائه خلف القضبان رغم انتهاء مبررات الحبس؟".

 

 

وتثير هذه المناشدة من جديد الجدل حول غياب البعد الإنساني في التعامل مع السجناء السياسيين، خاصة في الحالات التي تتعلق بالمرض أو الوفاة داخل الأسر، إذ تكررت المطالبات الحقوقية بضرورة السماح للمعتقلين بتوديع ذويهم في مثل هذه الظروف، باعتباره حقاً إنسانياً لا يخضع للحسابات السياسية أو الأمنية.

 

وقد أبدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تضامنها الكامل مع أسرة القصاص، داعية السلطات إلى الاستجابة السريعة لهذا النداء الإنساني، ومطالبة النائب العام محمد شوقي بالتدخل الفوري للسماح للقصاص بزيارة والدته "قبل أن يصبح الوقت متأخراً".


 

 

من جانبه، أعاد الحقوقي خالد علي تسليط الضوء على قضية القصاص، مؤكداً أنّ الأخير يُعدّ من أبرز الكوادر السياسية الشابة في مصر خلال العقدين الماضيين، وأنه "مثّل تياراً إصلاحياً وسطياً يسعى للمصالحة الوطنية بعيداً عن الاستقطاب". وأضاف علي أن السلطات "تصرّ على وصمه بالانتماء لجماعة الإخوان رغم أنه انشق عنها وأسّس حزب مصر القوية"، مشيراً إلى أنّ الحكم الصادر ضده بالسجن عشر سنوات، ثم إدراجه في قضايا جديدة بعد انتهاء مدة الحبس الاحتياطي، يعكس ما سماه "الإصرار على معاقبته سياسياً".
 

 

ويُذكر أن محمد القصاص بدأ مسيرته السياسية في صفوف جماعة الإخوان المسلمين قبل أن ينشق عنها في مايو 2011، ويشارك في تأسيس حزب التيار المصري، ثم يتولى لاحقاً منصب نائب رئيس حزب مصر القوية بقيادة عبد المنعم أبو الفتوح. وعلى الرغم من معارضته الصريحة للإخوان ومشاركته في فعاليات تنسيقية 30 يونيو، إلا أنه ظلّ هدفاً لملاحقات أمنية متكررة.

 

وفي فبراير 2018، اعتُقل القصاص تعسفياً من الشارع، ووجّهت إليه تهم الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة ضمن القضية رقم 977 لسنة 2017. وبعد صدور قرار قضائي بإخلاء سبيله في ديسمبر 2019، لم يُنفذ القرار، وتمت إعادة تدويره في قضايا جديدة (مثل القضية رقم 918 لسنة 2019) لاستمرار حبسه، قبل أن يُحال إلى محكمة أمن الدولة طوارئ التي قضت في 29 مايو/ أيار 2022 بسجنه عشر سنوات ومراقبته شرطياً لمدة خمس سنوات لاحقة.