بعد ساعات فقط من دخول اتفاق وقف الحرب في غزة حيز التنفيذ، وجهت إسرائيل فجر اليوم السبت سلسلة غارات عنيفة على جنوب لبنان، في خطوة وصفتها الرئاسة اللبنانية بأنها "عدوان سافر" ومحاولة "لتعويض غزة في لبنان".
الهجوم، الذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة سبعة آخرين، أثار تنديداً واسعاً في بيروت، بينما بررته تل أبيب بأنه استهدف بنى تحتية لـ"حزب الله"، مما يعيد التوتر إلى الحدود الجنوبية الهشة.
 

قصف "منشآت مدنية" وروايات متضاربة
في ساعات الفجر الأولى، شن الطيران الإسرائيلي 10 غارات جوية استهدفت ستة معارض للجرافات والحفارات على طريق المصيلح، قرب مدينة صيدا الساحلية.
وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية أن الغارات أدت إلى تدمير واحتراق عدد كبير من الآليات، وانقطاع الطريق بالكامل بسبب الأضرار الجسيمة.

وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن القصف أسفر عن مقتل مواطن سوري وإصابة سبعة آخرين، بينهم ستة لبنانيين، من ضمنهم سيدتان.
في المقابل، قدم الجيش الإسرائيلي رواية مختلفة تماماً. وقال المتحدث باسمه، أفيخاي أدرعي، إن الغارات استهدفت "بنى تحتية تابعة لـ(حزب الله) الإرهابي"، زاعماً أنها كانت تُستخدم "لتخزين معدات هندسية مخصصة لإعادة إعمار بنى تحتية إرهابية في جنوب لبنان".
 

عون: هل يفكر أحد بتعويض غزة في لبنان؟
جاء الرد اللبناني الرسمي حاداً على لسان الرئيس جوزاف عون، الذي ندد بوقوع جنوب لبنان "تحت نار العدوان الإسرائيلي السافر ضد منشآت مدنية. بلا حجة ولا حتى ذريعة".

واعتبر عون أن خطورة العدوان تكمن في توقيته، كونه يأتي مباشرة "بعد اتفاق وقف الحرب في غزة" الذي دخل حيز التنفيذ ظهر أمس الجمعة.
وطرح تساؤلات حملت دلالات سياسية عميقة، قائلاً: "هل هناك من يفكر بتعويض غزة في لبنان، لضمان حاجته لاستدامة الاسترزاق السياسي بالنار والقتل؟".

ولم يكتفِ عون بالتنديد، بل ربط بين توريط لبنان في حرب غزة تحت شعار "الإسناد"، وبين حقه الآن في الحصول على هدنة مماثلة، متسائلاً: "أفليس من أبسط المنطق والحق الآن، إسناد لبنان بنموذج هدنة غزة، خصوصاً بعدما أجمع الأطراف كافة على تأييدها؟!".
 

خرق لوقف إطلاق النار وتوتر مستمر
تأتي هذه الغارات لتكسر هدوءاً حذراً يسود الجبهة الجنوبية منذ سريان وقف لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل أواخر نوفمبر 2024، والذي أنهى أشهراً من القتال الذي اندلع على خلفية الحرب في غزة.

ورغم الاتفاق، واصلت القوات الإسرائيلية شن ضربات متقطعة تقول إنها تستهدف عناصر وبنى تحتية لـ"حزب الله"، الذي يرد أحياناً على هذه الهجمات. هذا الهجوم الأخير، بحجمه وتوقيته، يُنظر إليه في لبنان على أنه رسالة إسرائيلية واضحة بأن وقف القتال في غزة لا يعني بالضرورة انتهاء المواجهة على الجبهة الشمالية.

وفيما تتصاعد المخاوف في بيروت من أن يصبح لبنان الساحة البديلة للصراع، يجد البلد نفسه مرة أخرى في قلب معادلة إقليمية معقدة، حيث يتقاطع هدوء جبهة ليتفجر التوتر على جبهة أخرى، ويبقى المدنيون هم من يدفعون الثمن.