صادقت حكومة الاحتلال على تعيين الجنرال احتياط ديفيد زيني رئيسًا لجهاز الأمن العام "الشاباك"، رغم موجة تحذيرات وانتقادات غير مسبوقة من قادة الجهاز السابقين، ومن حركات رقابية ومنظمات مدنية اعتبرت القرار تهديدًا مباشرًا لسيادة القانون ولمكانة "الشاباك". في خطوة أثارت عاصفة سياسية وأمنية داخل الكيان الإسرائيلي.

وجاءت المصادقة خلال جلسة حكومية عُقدت فور عودة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من واشنطن، حيث أشاد بالأداء السابق لزيني قائلاً: "رأيت فيه التصميم والقدرة على التفكير خارج الأطر المألوفة، وأعتقد أنه الرجل المناسب لقيادة الشاباك". ومن المقرر أن يتسلم زيني مهامه رسميًا في 5 أكتوبر 2025 ولمدة خمس سنوات.

معارضة قوية من داخل الجهاز الأمني
لكن خلف هذه التزكية الحكومية، تتكشف صورة مغايرة تمامًا. إذ قدّم 264 مسؤولاً سابقًا في الشاباك عريضة رسمية إلى لجنة التعيينات، محذرين من أن زيني يفتقر إلى الاستقلالية المطلوبة، وأن قربه الشديد من نتنياهو سيحوّل قرارات الجهاز إلى أداة سياسية حزبية.

وحذّرت العريضة من أن تسييس الشاباك سيفقده مصداقيته داخليًا وخارجيًا، وسيضرب علاقاته مع أجهزة الأمن الدولية التي تتعاون معه على أساس الثقة. كما نبه الموقعون إلى تصريحات لزيني قلّل فيها من سلطة المحكمة العليا.

إلى جانب ذلك، أُثيرت شبهات تضارب مصالح مرتبطة بشقيقه الذي يملك علاقات تجارية وأمنية مع أطراف مقربة من مكتب نتنياهو، ما زاد من حجم الانتقادات.

وقد أعلنت “الحركة من أجل جودة الحكم” وحركة الأكاديميا من أجل إسرائيل ديمقراطية” عن تقديم التماسات للمحكمة العليا لوقف التعيين، وأكدت أن القرار "تم مع تجاهل تام لسيادة القانون"، مشيرة إلى أن لجنة التعيينات العليا "فشلت في أداء دورها بتجاهل شهادات خطيرة لرؤساء سابقين للشاباك".

انقسام سياسي حاد
التعيين لم يمر بهدوء في الساحة السياسية، إذ وصف زعيم حزب "الديمقراطيين" يائير غولان الخطوة بأنها تهدد أسس النظام الديمقراطي قائلاً: "إذا انتُخبنا سنطهّر الخدمة العامة من الأشخاص غير المخلصين للقواعد الديمقراطية، ومن بينهم دافيد زيني".

كما وجّه رئيس الشاباك الأسبق يورام كوهين رسالة إلى لجنة التعيينات، أكد فيها أن زيني قد يتحول إلى أداة بيد نتنياهو بما يخالف القانون، مشددًا على أن خبراته الميدانية لا تكفي لقيادة جهاز بهذا الحجم والتعقيد.

خلافات على تركة "السابع من أكتوبر"
يأتي تعيين زيني خلفًا لرونين بار الذي غادر منصبه منتصف يونيو الماضي إثر خلافات مع نتنياهو حول الإخفاق في التصدي لطوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023. ورغم إقرار بار بمسؤوليته عن ذلك الفشل الأمني، رفض نتنياهو تحمّل أي مسؤولية، وأصرّ على مواصلة الحرب في غزة، في خطوة اعتبرتها المعارضة محاولة لإطالة أمد الصراع خدمةً لبقائه السياسي.

**من هو ديفيد زيني؟**
العمر: في الخمسينات من عمره.

خلفيته العسكرية: خدم في وحدات النخبة، أبرزها “سييرت متكال”، وقاد الكتيبة 51 في لواء غولاني، ووحدة إيغوز الخاصة، ولواء ألكسندروني.

مناصب بارزة: مؤسس لواءي الكوماندوز والحشمونائيم، تولى قيادة "المركز القومي للتدريبات البرية"، وقاد "هيئة الأركان للتدريب والتأهيل".

السمعة: يوصف بأنه يميني متشدد ومقرّب جدًا من نتنياهو، ما أثار مخاوف بشأن حياد الشاباك تحت قيادته.

الجدل: انتقاده لسلطة المحكمة العليا، وشبهات تضارب مصالح مرتبطة بعائلته، وغياب خبرة استراتيجية تؤهله لإدارة جهاز بحجم الشاباك.

https://www.youtube.com/watch?v=DU1bb942YbI