في مشهد جديد يعكس صلابة المقاومة الفلسطينية، بثت كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس – مشاهد مصورة لهجوم نوعي نفذه مقاتلوها ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي المتمركزة في مدرسة الراهبات الوردية بحي تل الهوى جنوب مدينة غزة. العملية التي اتسمت بالدقة والشجاعة أظهرت كيف ما زالت المقاومة قادرة على إلحاق خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي، رغم محاولاته المستمرة للسيطرة الميدانية وسط الدمار الهائل والقصف المتواصل.
تفاصيل العملية في تل الهوى
اللقطات التي بثتها القسام أظهرت لحظة تمركز المقاتلين حول تجمع للجنود وآليات الاحتلال، قبل أن يزرع أحدهم عبوة ناسفة من طراز "برق" في برج دبابة ميركافاه، ما أدى إلى تفجيرها على الفور. لم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ تقدمت مجموعة أخرى من المقاومين لزرع عبوات إضافية في ناقلتي جند مصفحتين كانتا بالمكان، ليتم تفجيرهما وسط الجنود.
وخاض المقاتلون اشتباكًا مباشرًا من مسافة الصفر مع جنود الاحتلال، أوقعوا خلاله قتلى وجرحى، قبل أن ينسحبوا بسلام بعد تنفيذ مهمتهم. وقد وثق المشهد أيضًا هبوط مروحية إسرائيلية لنقل القتلى والجرحى، في إشارة واضحة إلى حجم الخسائر التي تكبدها الجيش في هذه العملية.
في هذا المقطع سترون من الشجاعة ما لا يمكن وصفه، يركض رجل القـ،،،ـام نحو الدبابة ويضع العبوة تحت الدبابة، ثم يعقبها اشتباكات من نقطة صفر.. العملية نُفذت في مدرسة "الراهبات الوردية" بحي تل الهوى جنوب مدينة غزة pic.twitter.com/MYJOQUtaYq
— تركي الشلهوب (@TurkiShalhoub) October 2, 2025
الدلالات الميدانية
الهجوم أظهر قدرة المقاومة على اختراق خطوط الاحتلال، واستغلال المواقع العسكرية التي يقيمها داخل المدارس والمؤسسات المدنية، وهو ما يفضح إسرائيل أمام العالم باعتبارها قوة احتلال تنتهك القوانين الدولية باستخدام المدارس كمراكز عسكرية. كما أن العملية تأتي لتؤكد أن القسام ما زال يحتفظ بعناصر مدربة قادرة على تنفيذ هجمات نوعية وموثقة، تعكس رسوخ العقيدة القتالية التي لم تتأثر بالحصار أو القصف.
سبتمبر: محطات متتالية من المقاومة
سجّل شهر سبتمبر 2025 ذروة جديدة في بطولات المقاومة في غزة، حيث تلاحقت العمليات المنفذة من كتائب القسام وأثبتت قوة الميدان وإصرار المقاتلين، وكبدت الاحتلال الإسرائيلي خسائر ضخمة في القوة البشرية والآليات.
وبثت عملية مدرسة الراهبات الأخيرة رسالة حاسمة بأن المقاومة ما زالت تملك زمام المبادرة، رغم العدوان والحصار والدمار، في استمرار لمسيرة الفداء الفلسطينية.
فلم تكن عملية تل الهوى هي الوحيدة خلال شهر سبتمبر 2025، إذ شهدت غزة وساحات الاشتباك عدة عمليات نوعية نفذتها المقاومة:
- 1 سبتمبر 2025: كتائب القسام أعلنت تفجير ناقلة جند إسرائيلية بعبوة موجهة في حي الزيتون، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الجنود.
- 5 سبتمبر 2025: سرايا القدس قصفت تجمعات عسكرية إسرائيلية قرب "كيسوفيم" بعد رصدها حشودًا على أطراف القطاع.
- 10 سبتمبر 2025: كتائب القسام أوقعت وحدة إسرائيلية خاصة في كمين مفخخ شمال بيت حانون، وأجبرتها على الانسحاب بعد سقوط قتلى في صفوفها.
- 15 سبتمبر 2025: ألوية الناصر صلاح الدين قصفت بئر السبع بصواريخ محلية الصنع، لتؤكد استمرار فاعلية الرد الصاروخي.
- 22 سبتمبر 2025: القسام بثت مشاهد تفجير دبابة ميركافاه على أطراف خان يونس، في عملية مشابهة لما جرى في تل الهوى.
- 30 سبتمبر 2025: غرفة العمليات المشتركة أعلنت عن قصف متزامن استهدف قواعد عسكرية إسرائيلية في "سديروت" و"نتيفوت"، رداً على قصف الأحياء المدنية في غزة.
تضحيات وبطولات مستمرة
ما يميز هذه العمليات أنها جاءت متزامنة مع ذكرى مرور عام تقريبًا على معركة "طوفان الأقصى"، لتؤكد أن المقاومة لم تفقد زمام المبادرة رغم محاولات الاحتلال فرض واقع جديد بالقوة العسكرية. الأهم أن بث المشاهد المصورة يوجه رسالة قوية للداخل الفلسطيني وللرأي العام العالمي بأن الاحتلال يتكتم على خسائره بينما المقاومة تعرض الأدلة الميدانية.
الأثر النفسي والسياسي
هذه العمليات لا تقتصر على البعد العسكري فقط، بل تحمل أثرًا نفسيًا عميقًا على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، حيث يتصاعد القلق بين الجنود وعائلاتهم من تكرار مشاهد التفجير والاشتباك المباشر. أما على المستوى السياسي، فهي تعزز موقع المقاومة في أي مفاوضات أو مبادرات مقبلة، وتؤكد أن أي تسوية لا يمكن أن تتجاهل قوتها الميدانية.
وتعتبر عملية مدرسة الراهبات في تل الهوى تمثل حلقة جديدة في سلسلة بطولات كتائب القسام خلال سبتمبر 2025، حيث يواصل المقاومون كتابة ملحمة الصمود بدمائهم وشجاعتهم. وفيما يحاول الاحتلال إخفاء خسائره، تكشف صور المقاومة حقيقة المعركة: أن غزة ما زالت قادرة على المقاومة، وأن سلاحها لم يُكسر رغم كل ما تعرضت له. لقد أثبتت هذه العمليات أن المعادلة لم ولن تتغير، وأن طريق الحرية يمر عبر المقاومة والتضحيات.