أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب المصرية أمس الأربعاء 24 سبتمبر 2025 عن ضبط مزرعة مخصصة لزراعة وإنتاج المواد المخدرة في الظهير الصحراوي بدائرة مركز شرطة القنطرة شرق قناة السويس، وقدرت بعض المصادر القيمة المالية للمخدرات المضبوطة بنحو مليار و600 مليون جنيه، ما يعادل حوالي 250 مليون دولار.

أبلغت الصحف المحلية والعالمية عن حجم المساحة نحو 3.5 أفدنة، وكميات ضخمة من المخدرات جاهزة للتصنيع أو التصدير.

 

ضبط مزرعة المخدرات وتفاصيل الحادثة

تمكنت أجهزة الأمن المصرية في 24 سبتمبر 2025 من ضبط مزرعة ضخمة لزراعة وإنتاج مواد مخدرة في منطقة الظهير الصحراوي بدائرة مركز شرطة القنطرة شرق قناة السويس.

تمتد المزرعة على مساحة حوالي 3.5 أفدنة، وضُبط بداخلها 27.5 طناً من مخدر الهيدرو، منها 21 طناً من النبات في حالة نمو و6.5 أطنان مخزنة.

بالإضافة إلى ذلك، عثرت السلطات على ذخائر وأسلحة نارية متنوعة مما يشير إلى الطابع المسلح للعصابة المنظمة المسؤولة.

جرت المداهمة والقبض على أحد العناصر الرئيسية بحوزته 90 كيلوغراماً من الحشيش و10 كيلوغرامات من الهيدرو.

القيمة المالية لهذه المضبوطات تقدر بحوالي 1.6 مليار جنيه مصري (250 مليون دولار أمريكي)، ما يجعل هذه الضبطية من أكبر عمليات القبض على مخدرات في السنوات الأخيرة بمصر.

 

أين وقع الحادث ولماذا نقطة شرق القناة مهمة؟

المكان؛ الظهير الصحراوي شرق قناة السويس ليس اختياراً عشوائياً، المنطقة تقع قرب ممرات نقل استراتيجية ومنافذ بحرية وبرية تستخدمها شبكات التهريب للتنقل بين شرق القناة وغربها أو لإخراج بضائع إلى خارج البلاد.

ضبط مزرعة بهذا الحجم في هذه البقعة يشير إلى قدرة شبكات إجرامية على الاستفادة من مساحات صحراوية واسعة بعيدة عن رقابة مدنية فعّالة، وفي الوقت نفسه يطرح سؤالاً مباشراً: كيف تحولت منطقة تعتبر ذات أهمية أمنية واستراتيجية إلى مأوى لإنتاج مخدرات بهذا الحجم؟

 

من المسئول؟ بين فشل الأجهزة وسياسة التركيز على الكبير

المسؤولية متعددة المستويات:

أولاً، جهاز الأمن الداخلي والشرطة يتحمّلان المسئولية العملياتية عن عدم الكشف المبكر أو منع إنشاء مثل هذه المزارع.

ثانياً، هناك مسؤولية سياسية واقتصادية للنظام الذي أعاد توجيه الموارد والأولويات خلال السنوات الأخيرة نحو مشاريع تحويلية كبرى، بنى تحتية، مشاريع طاقة واستثمارات؛ أحيانًا على حساب الرقابة المحلية والحوكمة في الأطراف.

مراقبون ومنظمات حقوقية قالوا إن التركيز على الأمن السيادي الخارجي وقضايا الاستقرار العام غالباً ما يُترَك معه فراغ أمني وسياسي داخلي يملأه الفاعلون المجرمون.

 

دوافع انتشار هذه الظواهر..

  1. التدهور الاقتصادي والبطالة: تدهور القدرة الشرائية وارتفاع البطالة يدفعان بعض الفئات للانخراط في اقتصاد المخدرات كبديل سريع للدخل.
  2. الفساد الإداري والبيروقراطي: ضعف الرقابة على الأراضي الصحراوية وتسهيل تسجيل أو تأجير مساحات دون رقابة مشددة يعززان بيئة الأعمال الإجرامية.
  3. تحجيم الفضاء المدني: القمع السياسي وتضييق النشاط الاجتماعي يقللان من قدرة المجتمع المدني على مراقبة أو التنديد بمظاهر الفساد والجريمة المحلية؛ ما يترك المجال لتمدد الشبكات.

 

تصريحات سياسية واقتصادية

وزارة الداخلية أصدرت بيانات عملية عن الضبطية وتروّج لنجاحها في مكافحة المخدرات، لكن البيانات الرسمية لم تُقدّم تفسيراً واضحاً عن كيف تم إنشاء المزرعة ولماذا لم تُكتشَف سابقًا.

جهات حقوقية ومحلّلون دوليون ربطوا بين سياسات المركز السياسي الحالي وتركيز السلطة مع تراجع الشفافية والمساءلة، مما ساعد على توفير بيئة أقل مقاومة للجريمة المنظمة.

تقارير سابقة لمنظمات دولية لاحظت أن سياسات الأمن القومي لدى النظام ضمنت سيطرة سياسية على حساب الفاعلية المؤسساتية في قضايا مجتمعية يومية.

 

ماذا يعني هذا للمواطنين ولمستقبل الأمن؟

ضبط مزرعة بهذا الحجم هو رسالة مزدوجة؛ من جهة يؤكد وجود قدرات أمنية لاكتشاف شبكات كبيرة؛ ومن جهة أخرى يكشف عن ضعف استباقي خطير، إذ أن توقيت ونوع الاكتشاف يطرحان مزيدًا من الأسئلة حول مدى انتشار النشاط الإجرامي.

المواطنون هم الخاسرون؛ تزايد المخدرات يفاقم مشكلات الصحة العامة، وينعكس على الجريمة والاقتصاد المحلي، بينما السلطة تستمر في تقديم روايات إنجازية لا تُعالج جذور المشكلة.

 

خاتمة وتوصيات موجزة

الحدث يجب أن يكون لحظة محاسبة فعلية لا استعراض إنشائي؛ تحقيق شفاف مستقل، نشر تفاصيل المساحات والجهات المتورطة، مراجعة تسجيل الأراضي والمناطق الصحراوية، وتكثيف برامج التنمية والوظائف في الأطراف.

إن لم تتحول هذه الضبطيات إلى إجراءات مؤسسية حقيقية، إصلاح رقابي وشفاف، فستبقى وزارة الداخلية مجرد جهاز يلتقط قِطع الفساد والتهريب بعد فوات الأوان، بينما تستمر جذور المشكلة بالنمو.