في فجر 24 سبتمبر 2025 أعلن منظمو ما يُعرف بـ"أسطول الصمود العالمي" أن قوارب من الأسطول تعرّضت لـ12 هجومًا بطائرات مسيرة استهدفت 9 قوارب من أصل قوافل تضم نحو 50 سفينة مدنية كانت متجهة إلى قطاع غزة لكسر الحصار.

المنظمون تحدثوا عن انفجارات، إسقاط أجسام غير معروفة، وتشويش واسع على الاتصالات، فيما لم ترد تقارير فورية عن ضحايا بشرية لكن أضرارًا مادية طالت بعض القوارب.

الهجمات لم تتسبب بأضرار بشرية حتى الآن، لكن فرضت حالة من الخطر على أكثر من 500 متطوع ومدني على متن هذه السفن.

 

مسارات وتأثيرات الهجمات على الأسطول

كان أسطول الصمود يبحر من اليونان متجهاً نحو قطاع غزة لكسر الحصار المفروض، محملاً بمساعدات طبية وإنسانية.

تعرض الأسطول لهجمات متكررة من طائرات مسيرة مجهولة المصدر واستهدافات متزامنة وسط تحليق مكثف للطائرات.

هذه الهجمات أجبرت بعض الدول، مثل إيطاليا، على إرسال سفينة تابعة للبحرية لمساعدة المتطوعين وإجراء عمليات إنقاذ محتملة للمتضررين، ورغم ذلك، أكد الأسطول استمراره في تقدمه نحو غزة رغم محاولات الترهيب.

الهجمات وقعت في المياه الدولية قرب جزيرة جافدوس/المتوسط، وهي منطقة حساسة تشهد حركة مدنية وعسكرية متعددة.

استخدام طائرات مسيرة لإلقاء قنابل صوتية أو أجسام مزعجة يعكس تطورًا تكتيكيًا؛ لم يعد تهديد الناقلات مقتصرًا على صواريخ تقليدية بل توسّع إلى أدوات غير متماثلة تُعطِّل الاتصالات وتُلحق أضرارًا طفيفة من دون مواجهات تقليدية ما يجعل حماية السفن المدنية أكثر تعقيدًا ويخلق تهديدًا للمدنيين والناشطين.

هذا التصعيد يُعيد فتح النقاش حول من يملك حق السيطرة على طرق الملاحة الدولية وكيف تُستغل القوة لتأمين أو منع وصول المساعدات.

 

الردود الدولية والدبلوماسية

ردًا على الحادث أرسلت إيطاليا الفرقاطة البحرية "فاسان" إلى موقع الأسطول لدعم مواطنيها، فيما أدانت بروكسل أي استخدام للقوة ضد بعثات إنسانية ووصفته بأنه "غير مقبول".

رئيسة وزراء إيطاليا جورجا ميلوني أكدت أن السفينة الإيطالية لن تستخدم القوة العسكرية، واقترحت حلولًا بديلة لتفادي التصعيد مثل تفريغ المساعدات في موانئ وسيطة.

هذه الردود الأوروبية تظهر تصاعد الحساسية الدبلوماسية حول قوافل المساعدات ومخاطر تحولها إلى بؤر توتر على المياه الدولية.

 

المواقع والمسؤوليات..

المنظمون والناشطون اتهموا إسرائيل وحلفاءها بالتورط في الهجمات، فيما لم يصدر حتى الآن اعتراف رسمي مباشر من الجيش الإسرائيلي بالنظر إلى حساسية العملية والادعاءات المتبادلة.

في الوقت نفسه لاحظ محلّلون أن ردود الفعل العربية الرسمية تنقّلت بين إدانة رمزية وتحفّظ دبلوماسي، ما يطرح تساؤلات عن موقف القاهرة تحديدًا، كونها تقع جغرافياً وسياسياً في قلب التعامل مع أزمة غزة.

 

أسباب الهجمات ودور إسرائيل

تأتي هذه الهجمات في سياق حصار إسرائيلي مستمر على غزة، وتصاعد التوترات في المنطقة، إسرائيل تتهم المشاركين في الأسطول بالتورط مع حركة حماس، بينما يصفهم النشطاء بأنهم أحمال بشرية ومساعدات إنسانية فقط.

الهجمات قد تكون محاولة لإرهاب المتطوعين وقطع أي دعم خارجي لغزة، مما يعمق المأساة الإنسانية التي خلفها العدوان الإسرائيلي المستمر الذي بدأ منذ أكتوبر 2023 وأسفر عن عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.

 

بعدٌ سياسي داخلي.. لماذا يهم هذا السلوك السيسي؟

المشهد يُظهر أن حكومة الانقلاب المصرية تحت مجهر داخلي وخارجي؛ فبينما تستطيع القاهرة تبرير تعاونها الأمني مع إسرائيل بحجج الاستقرار والتنسيق ضد الإرهاب، يرى معارضو نظام السيسي أن صمت أو ميوعة المواقف المصرية أمام اعتداءات تمس قوافل إنسانية تُضعف موقفها الوطني والأخلاقي، وتُعطي انطباعًا بأن الأمن القومي يُدار وفق حسابات إقليمية تُغضّ الطرف عن معاناة الفلسطينيين.

سياسيون ونشطاء مصريون ومحلّلون اقتصاديون يحذّرون بأن استمرار مثل هذا النهج ينعكس سلبًا على الشرعية الداخلية لمؤسسات الحكم ويزيد الاحتقان الشعبي.

 

الآثار الاقتصادية والأمنية المتوقعة

تكاليف مثل هذه الحوادث لا تقاس بالضرر الفوري فحسب، بل بارتفاع تكاليف التأمين على السفن، تغيير مسارات الشحن، وتزايد الكلفة على الدول التي قد تضطر لإرسال سفن حربية أو فرقاطات لحماية مواطنيها، كما فعلت إيطاليا هنا.

كل ذلك يضع ضغوطًا على اقتصاديات النقل البحري والسواحل الإقليمية، ويؤثر على قدرة منظمات الإغاثة على إيصال مساعدات بثبات.

بالإضافة لذلك، أي توسع في الاعتماد على الطائرات المسيرة كأداة قمع أو ردع سيجعل المياه الدولية أكثر خطورة أمام المنظمات المدنية.

 

أبرز المواقف والتصريحات..

  • أسطول الصمود: أعلن تعرضه لـ12 هجومًا وأنه يظل مصرًّا على مواصلة مساره نحو غزة مع تسجيل أضرار مادية.
  • إيطاليا: نددت وأرسلت فرقاطة للمساندة؛ رئيسة الوزراء أكدت عدم استخدام القوة من قبل البحرية الإيطالية.
  • المفوضية الأوروبية: اعتبرت استخدام القوة ضد الأسطول "غير مقبول".

 

ماذا يجب أن تفعل القاهرة؟

يُفترض أن تتبنّى مصر مزيجًا من إجراءات حقيقية وشفافة؛ ضغط دبلوماسي واضح لحماية المدنيين والبعثات الإنسانية، تعاون إقليمي لمراقبة سلامة الملاحة في المتوسط، وتوضيح سياساتها أمام مواطنيها.

الإبقاء على خطاب غامض أو سياسة "الصمت العملي" يخاطر بأن تُحمّل القاهرة تبعات إقليمية وسياسية لا طائل من ورائها، ويزيد من الانقسام بين شعاراتها "الداعمة للقضية الفلسطينية" وما يراه الجمهور كواقع عملي.

في النهاية، سيُقاس دور مصر الحقيقي بمدى تحركها الفعلي لحماية المدنيين ومصالح المواطنين في البحر، لا بكلماتٍ مترددة أو مواقفٍ رسمية روتينية.