في مشهد يعكس الانفصام العربي أمام المأساة الفلسطينية، تحوّلت قضية الاعتراف الدولي بدولة فلسطين إلى ساحة صراع بين اللجان الرسمية التابعة لدول عربية كبرى، تتصدرها السعودية ومصر والأردن، ومعهما دخلت الإمارات مؤخرًا على الخط. ورغم أن السبب الحقيقي وراء أي اعترافات دولية أو تضامن شعبي لم يكن أبدًا ضغط هذه اللجان أو تصريحات مسؤوليها، بل كان بالأساس دماء الشهداء وصمود المقاومة في غزة والضفة، إلا أن المشهد انقلب إلى سباق محموم على تسجيل النقاط السياسية.
 

السعودية ومصر: صراع النفوذ بواجهة "اللجان"
بدأت الشرارة حينما سارعت لجنة سعودية للإعلان عن نجاح مساعيها في دفع بعض الدول الأوروبية إلى الاعتراف بدولة فلسطين، لتظهر مصر بعد ساعات ببيانات رسمية مشابهة تزعم أن "تحركاتها الدبلوماسية" هي التي أثمرت عن الخطوة ذاتها. هذا التنافس لم يكن جديدًا، فكل طرف يسعى لإثبات أنه "الأقرب إلى واشنطن" أو "الأكثر تأثيرًا في بروكسل"، لكنه هذه المرة جاء على حساب الحقيقة الجوهرية: أن العالم لم يلتفت أصلًا لنداءات رسمية بقدر ما اهتزّ أمام صور البيوت المدمّرة والأطفال المحاصرين تحت الركام.
 

الأردن يدخل على الخط
لم تكتفِ عمان بالوقوف موقف المتفرج، بل دفعت عبر لجانها الدبلوماسية ببيانات تزعم أنها لعبت دورًا مباشرًا في إقناع حكومات أوروبية باتخاذ خطوات عملية تجاه الاعتراف. وبينما يُدرك الشارع الأردني أن القضية الفلسطينية تمثل عمقًا استراتيجيًا للمملكة، فإن تصدير صورة "اللجنة الفاعلة" بدا أقرب إلى محاولة لرفع رصيد سياسي داخلي في ظل أزمات اقتصادية متفاقمة، أكثر مما هو انحياز حقيقي لدماء الفلسطينيين.
 

الإمارات.. اللاعب "الأعجب"
المفاجأة كانت في دخول لجان إماراتية على الخط، في توقيت باتت فيه أبوظبي مرتبطة باتفاقيات تطبيع مع الاحتلال نفسه. مشهد بدا مثيرًا للسخرية: كيف يمكن لدولة توقع على صفقات عسكرية وتجارية مع تل أبيب أن تتباهى في الوقت ذاته بوجود لجان تضغط من أجل "الاعتراف بفلسطين"؟! الأمر بدا أقرب إلى ازدواجية خطاب، الهدف منه تحسين صورة مشوهة، لا أكثر.
 

الصورة التي لخصت كل شيء
منير البرش، مسؤول الصحة في غزة، التقط صورة لخصت المشهد برمته: خناقة على الجسد الفلسطيني الممزق. اللجان العربية تتنازع على "الفضل" في حين أن الفضل الحقيقي مكتوب بدماء آلاف الشهداء الذين ارتقوا دفاعًا عن أرضهم وكرامتهم. الجسد الفلسطيني هو الميدان، واللجان مجرد متصارعين على بقاياه.
 

المقاومة هي العنوان
الحقيقة التي يتهرب منها الجميع أن أي خطوة سياسية تجاه الاعتراف الدولي بفلسطين لم تكن نتيجة بيانات أو اجتماعات بروتوكولية، بل ثمرة مباشرة لتضحيات المقاومة وصمود الشعب. لو لم تنفجر شوارع غزة والضفة بدماء الشهداء، ولو لم تصمد الأنفاق والمقاتلون تحت الحصار والقصف، لما تحركت أي عاصمة أوروبية أو غربية للاعتراف ولو شكليًا بدولة فلسطين.
 

ختامًا: الخناقة على الوهم
ما يجري اليوم ليس سوى "خناقة على الوهم". فالدول العربية التي تتصارع باللجان لم تقدّم للفلسطينيين سوى بيانات، بينما رفعت الحصار أو شاركت في تضييق الخناق بشكل مباشر أو غير مباشر. المشهد يطرح سؤالًا مريرًا: من يستحق الفضل؟ اللجان التي تتسابق أمام الإعلام، أم دماء الشهداء التي تروي الأرض ليلًا ونهارًا؟

الحقيقة المؤلمة أن الجسد الفلسطيني الممزق صار ساحة استعراض للأنظمة، بينما تبقى المقاومة وحدها العنوان الوحيد الذي أجبر العالم على النطق بكلمة "فلسطين".
 

وقائع الحرب
الدكتور منير البرش كتب "الاعتراف… مكتوب بالدم هذا الاعتراف الدولي بفلسطين، وهذا التسونامي الشعبي الذي تبعته الحكومات، لم يكن وليدَ فراغ، بل كان ثمرة دماءٍ زكيةٍ سالت في غزة، وأرواحٍ طاهرةٍ عانقت السماء. لم يكن التحول مجرّد قرارٍ سياسي، بل جاء على صرخات الشهداء، وأنين الأمهات، وأحلام الأطفال التي خُنقت تحت الركام. إنها ثمرة تضحياتٍ جسيمة، وأثمانٍ باهظة من إبادةٍ جماعية وتطهيرٍ عرقي ومجاعةٍ تفتك بأجساد الأبرياء. ومع ذلك، تبقى غزة شامخة، لتقول للعالم: الاعتراف ليس مِنّة، بل دينٌ في أعناقكم، كتبته دماءُ الشهداء على صفحات التاريخ".

 

وقال عمار " كتابة الدولة الوهم على الورق جاء لمناورة التسونامي العالمي الذي ينادي بالحرية لفلسطين و لا شيء غير الحرية. هؤلاء النافقون لم يتكلموا عن المجازر و التي ستحول الدولة الوهمية إلى مقبرة على الواقع".

 

وأضافت كريمة " لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم غزة تضحي بالغالي والنفيس ليعترف هذا العالم الظالم بدولة فلسطين"

 

وأوضحت حنان" غزة تبقى شامخة، لتقول للعالم: الاعتراف ليس مِنّة، بل دينٌ في أعناقكم، كتبته دماءُ الشهداء على صفحات التاريخ.".

 

ونوه أطلس " هذا فضل من الله وفتح قريب ان شاء الله ثم بفضل تضحيات شعب غزة ومقاومتها المرابطة المجاهدة الصامدة الصابرة ،هذا جبل صعب ان يتسلقه من يتهيب صعود الجبال دعكم في كهوفكم ايها المتسلقون فلن تبلغوا قمة غزة ولا هامة مقاومتها".

 

ونوهت أم يوسف " والله لا أثق ولو لذرة واحدة فى قادة العرب الخونة ظاهرى العداء للأمة وحتى لو كان موقفهم يبدو كأنه خوف من بطش إسرائيل المتنامى وطمعها إلا أننى أشك أن خطوتهم هذه بداية لإعلان التطبيع وإن تم هذا الأمر فاسأل الله أن يجعل فيها هلاكهم جميعا ويرد كيدهم فى نحورهم".

 

وأردفت أم حمزة " لولا تضحيه اكثر من ٧٠ الف غزاوي ولولا صبرهم وتمسكهم بدينهم و بمبادئهم، ولولا ٧ من اكتوبر لما انتفض العالم اليوم ولظل الكيان المحتل وامريكا على رأس العالم يتحكمون فيه".

 

وقال عمر " من قال إن الاعتراف بفلسطين هدية من الغرب؟ الغرب دعم الاحتلال منذ وعد بلفور 1917 وحتى اليوم. ما غيّر الموازين هو دماء الشهداء وصمود غزة ومقاومة شعب أعزل يقاتل منذ النكبة 1948وحتى الآن. كل إنجاز سياسي هو ثمرة نضال الميدان، لا فضل فيه للأنظمة المطبّعة."

 

وأكدت شي " لم يكن ذلك بقرار دولي ولا مبادرة ملكية، بل بسواعد المقـ.اتلين وصمود الشعب. واليوم، اعتراف العالم بدولة فلسطين، هو امتداد لإنجازات الصمود والمقـ.اومة: من يصنع الواقع هو الشعب الفلسطيني ومقـ.اومته، والعالم يتبع من بعيد."