كشفت وسائل إعلام عبرية عن أزمة مركّبة وغير مسبوقة يواجهها جيش الاحتلال الإسرائيلي في ظل استمرار حربه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. الأزمة تتجاوز حدود الجبهة الميدانية إلى الداخل العسكري، حيث تتقاطع الأزمات الصحية والنفسية مع نقص حاد في الموارد البشرية، ما اضطر القيادة الإسرائيلية إلى اتخاذ قرارات استثنائية أثارت جدلًا واسعًا.

 

تسمم جماعي في قواعد الاحتلال

ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت أن نحو 130 جنديًا أصيبوا بأعراض تسمم غذائي حاد في قاعدة حرس الحدود الإسرائيلية، بدأت بظهور الأعراض على 30 جنديًا ثم تفاقمت بعد نقل مئة آخرين إلى قاعدة "همجشيوت"، حيث ظهرت عليهم نفس الأعراض من إسهال وقيء ودوار.

وأوضحت الصحيفة أن المطبخ العسكري أُغلق مؤقتًا، وتم توفير طعام بديل، غير أن حجم الإصابات كشف عن خلل إداري وصحي داخل المؤسسة العسكرية، وسط اتهامات بالإهمال.

 

صدمات نفسية واعترافات صادمة

في موازاة ذلك، نشرت صحيفة هآرتس تحقيقًا مطوّلًا قالت إنه استغرق شهورًا، وجمع شهادات لجنود وأطباء ومسؤولين في إدارة الموارد البشرية.

وكشف التحقيق أن آلاف الجنود سرّحوا أو أُعفوا من الخدمة بسبب تدهور صحتهم العقلية، في تناقض مع الرواية الرسمية للجيش.

وتحدث جنود بأسماء مستعارة عن "ضغط نفسي هائل" خلال العمليات داخل مناطق مأهولة في غزة. ونُقلت شهادة جندي من لواء ناحال روى كيف أطلق النار على امرأة وطفليها بعد أن ظن أنهم مقاتلون من كتائب القسام، قبل أن يكتشف الحقيقة، وسط برود قادة ميدانيين اعتبروا ما حدث "ثمن الحرب".

 

أزمة دوافع في صفوف الاحتياط

وفي مؤشر إضافي على حجم الأزمة، أظهرت دراسة للجامعة العبرية أن نحو 26% من جنود الاحتياط تراجعت دوافعهم بشكل كبير لمواصلة الخدمة، فيما عبر قرابة نصف المشاركين عن مشاعر سلبية تجاه الحكومة الإسرائيلية وطريقة إدارتها للحرب، خاصة في ما يتعلق بملف الأسرى لدى حركة حماس.

 

إلغاء الإعفاءات وقرارات استدعاء قسرية

وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت قيادة جيش الاحتلال – بحسب يديعوت أحرونوت – عن إلغاء جميع الإعفاءات من الخدمة العسكرية الصادرة خلال السنوات العشر السابقة لهجوم السابع من أكتوبر.

وبموجب القرار الجديد، تم توسيع دائرة الاستدعاء لتشمل كل الجنود تحت سن الأربعين، مع مضاعفة عدد إشعارات العودة للخدمة إلى 27 ألفًا، استجاب منها حتى الآن 18 ألفًا فقط، بينما رفض الباقون لأسباب صحية أو عائلية.

وأكدت الصحيفة أن نحو 40% قدموا اعتراضات، لكن القيادة العسكرية رفضتها، وفرضت عودتهم قسرًا إلى صفوف الجيش، خصوصًا في تخصصات مثل الطب والهندسة العسكرية.