أطلقت أكثر من 80 منظمة دولية غير حكومية – من بينها منظمات بارزة مثل أوكسفام ورابطة حقوق الإنسان – نداءً عاجلاً إلى الحكومات والشركات، ولا سيما الأوروبية منها، بضرورة وقف جميع أشكال التعامل التجاري والاستثماري مع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية المقامة على أراضي الضفة الغربية المحتلة، في خطوة غير مسبوقة من حيث حجم التنسيق بين منظمات حقوقية وإنسانية عالمية.
وجاء هذا التحرك عبر تقرير مشترك صدر تحت عنوان: "التجارة مع المستوطنات غير الشرعية: كيف تمكّن دول وشركات أجنبية إسرائيل من تنفيذ سياستها الاستيطانية غير القانونية". التقرير كشف عن أن استمرار بعض الشركات الأوروبية والأجنبية في مزاولة أنشطتها داخل المستعمرات الإسرائيلية يسهم بصورة مباشرة في إطالة أمد الاحتلال وتعميق الأزمة الإنسانية للفلسطينيين.
اتهامات للشركات الأوروبية بدعم الاستيطان
أشار التقرير إلى أن شركات أوروبية متعددة القطاعات – بدءاً من الزراعة مروراً بالصناعات الغذائية ووصولاً إلى قطاع الخدمات – تضخ استثمارات وتبيع منتجات داخل إسرائيل، ما يعزز اقتصاد المستوطنات ويمنحه شرعية غير مباشرة. وحذّر من أن هذه الأنشطة لا تمثل مجرد "معاملات تجارية عادية"، بل تسهم في ترسيخ واقع التهجير القسري والاستيطان غير القانوني.
دعوات لحظر شامل وتمويل منقطع
المنظمات الدولية المشاركة طالبت دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بفرض حظر صريح وواضح على أي تعاملات تجارية أو استثمارية مع المستوطنات، بما يشمل الخدمات المالية، والقروض المصرفية، والتأمين. كما شددت على ضرورة منع المؤسسات الأكاديمية والسياحية من الانخراط في أي شكل من أشكال التعاون مع الكيانات المرتبطة بالمستوطنات.
تقارير أممية سابقة تدين "اقتصاد الاحتلال"
ويأتي هذا التقرير في أعقاب تقرير أصدرته في يوليو الماضي المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، والذي حمل عنوان: "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية". التقرير الأممي كشف أن الشركات الأجنبية لا تدعم المشروع الاستيطاني فقط، بل تساهم في إعادة تشكيل الخريطة الديموغرافية عبر تهجير الفلسطينيين وإحلال المستوطنين مكانهم.
وأكدت ألبانيزي أن التمويل لا يقتصر على المصارف وشركات التأمين، بل يمتد ليشمل منصات السياحة وسلاسل المتاجر الكبرى التي تروج لمنتجات المستوطنات، ما يضع المستهلكين أمام مسؤولية أخلاقية لمحاسبة تلك الشركات عبر خياراتهم الشرائية.
البعد القانوني والخطر السياسي
يُجمع القانون الدولي على أن الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية أراض محتلة، وأن جميع أشكال الاستيطان الإسرائيلي فيها غير قانونية. وتعتبر الأمم المتحدة توسيع المستوطنات جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني، وتؤكد أن استمرارها يهدد بشكل مباشر إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهو ما يعني – بحسب خبراء – نسف أي أفق لحل الدولتين.