بينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي حصاره الخانق على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة منذ ما يزيد عن 17 عامًا، انطلقت من السواحل التونسية ثلاث سفن تحمل على متنها ناشطين عربًا وأجانب في محاولة جديدة لكسر الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية.

المبادرة التي يقودها أسطول الصمود العالمي تعكس إرادة الشعوب في مواجهة سياسات القمع والحصار، رغم كل التهديدات والهجمات التي تعرضت لها السفن في الأيام الماضية، ما يجعل هذه الخطوة حدثًا فارقًا في سجل المقاومة المدنية العالمية ضد الاحتلال.
 

انطلاق السفن من تونس نحو غزة
أكد المتحدث الإعلامي باسم الأسطول المغاربي، علي كنيس، أن ثلاث سفن — ميا ميا وألاكاتلا وعلاء الدين — أبحرت من موانئ قمرت وسيدي بوسعيد مساء أمس، بمشاركة ناشطين من دول عدة بينها تونس، الجزائر، المغرب، البحرين، وفرنسا. وأوضح أن سفنًا أخرى ستلتحق بالرحلة بعد تجاوز عقبات لوجستية ومشكلات مرتبطة بالطقس.
 

 

هجمات بطائرات مسيرة لم تثنِ العزيمة
تعرضت سفينتان من الأسطول الأسبوع الماضي لهجمات بمسيرات مجهولة المصدر في المياه التونسية، ما أدى إلى اندلاع حريق في إحدى السفن الرئيسية. ورغم ذلك، شدد منظمو الأسطول أن هذه الاعتداءات لن توقفهم عن مواصلة مهمتهم الإنسانية، معتبرين أن الحصار يجب أن يُكسر مهما كانت المخاطر.
 

أسطول متعدد الجنسيات وتنسيق لوجستي معقّد
بيان الأسطول العالمي أشار إلى أن 18 سفينة أبحرت من إيطاليا، بينما تُظهر خريطة التتبع أن 17 فقط تواصل الإبحار قرب السواحل الإيطالية، إلى جانب 23 سفينة أخرى قبالة تونس. الخطة تقضي بأن تلتقي هذه السفن في المياه الدولية لتتجه معًا نحو غزة، في رحلة قد تستغرق من 10 إلى 13 يومًا.
 

تدريبات للسلامة وسط تهديدات إسرائيلية
في ظل تهديدات وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بتصنيف المشاركين «إرهابيين» واحتجازهم، تلقى النشطاء تدريبات مكثفة على إجراءات السلامة. في المقابل، أكدت وزارات خارجية دول أوروبية، منها إسبانيا وإيطاليا، أنها ستوفر الحماية الدبلوماسية لمواطنيها المشاركين، خصوصًا أن بين الركاب نائبين برلمانيين إيطاليين.
 

سجل طويل من الاعتداءات الإسرائيلية على الأساطيل
جيش الاحتلال اعتاد مواجهة أساطيل الحرية بالعنف والاختطاف. ففي يوليو الماضي، احتجز 21 ناشطًا من 12 دولة كانوا على متن سفينة حنظلة وصادر المساعدات الإنسانية، بعد أن كان قد قصف سفينة الضمير في مايو واحتجز سفينة مادلين في يونيو. هذه الاعتداءات تكشف إصرار الاحتلال على منع أي مبادرة لكسر الحصار رغم أنها تحمل طابعًا إنسانيًا خالصًا.

والخلاصة أن إبحار أسطول الصمود من تونس يمثل رسالة قوية بأن الشعوب العربية والدولية لم تستسلم أمام الحصار المفروض على غزة، وأن المبادرات الشعبية قادرة على مراكمة الضغط على الاحتلال وكشف جرائمه أمام الرأي العام العالمي.

ورغم المخاطر والتهديدات، يظل الأمل معقودًا على أن تصل هذه القوافل إلى غزة وتفتح ثغرة في جدار الحصار الذي يطوّق القطاع منذ سنوات.