في وصف صادم يعكس حجم المأساة، شبّه الكاتب علي أبورزق ما تتعرض له غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي بحممٍ نووية، قائلاً إن «حجم الدمار المهول والعدد غير المسبوق من الشهداء يوازي إلقاء 23 قنبلة نووية بمعدل قنبلة كل شهر».
هذا التشبيه المجازي لم يكن من باب المبالغة، بل ليعبر عن كارثة إنسانية تتجاوز المقاييس التقليدية للحروب، وتفضح في الوقت نفسه صمت دول الجوار والعالم أمام مشهد دموي غير مسبوق.
الدمار بحجم "نووي": المجاز يكشف الحقيقة
ما قصده أبورزق أن ما حل بغزة ليس مجرد قصف متكرر، بل إبادة ممنهجة تشبه في شدتها آثار القنابل النووية التي شهدها العالم في هيروشيما وناجازاكي.
عشرات الآلاف من القتلى والمصابين، آلاف المباني المهدمة، وملايين الأطنان من الركام الذي غطى الأحياء.
هذا الحجم من التدمير المتواصل جعل غزة تبدو وكأنها مدينة استُهدفت مرارًا بأسلحة محرّمة دوليًا، حتى وإن كان السلاح المستخدم تقليديًا.
صمت الجوار: غياب الدور العربي
أحد أهم جوانب التغريدة هو الإشارة إلى "صمت الجوار".
فبينما تُدفن غزة تحت الركام، التزم معظم المحيط العربي الرسمي الصمت، بل إن بعض الدول انشغلت في حسابات سياسية واقتصادية أو علاقات تطبيعية مع إسرائيل.
هذا الغياب عن المشهد يطرح تساؤلات خطيرة: كيف يقبل الإقليم بجرائم ترتكب على حدوده؟ ولماذا تراجع دور التضامن العربي إلى هذا الحد الذي يصل حدّ الغياب شبه الكامل؟
التداعيات الإنسانية: أجيال تحت الأنقاض
تشبيه "القنابل النووية" لا يعكس فقط الدمار اللحظي، بل يذكّر أيضاً بالآثار الممتدة لعقود.
في غزة، آلاف الأطفال فقدوا عائلاتهم، آلاف البيوت تحولت إلى قبور، والمستشفيات عاجزة عن استيعاب الجرحى.
انقطاع الماء والكهرباء والدواء يضاعف من حجم الكارثة.
وإذا كان النووي يترك إشعاعاً طويل الأمد، فإن دمار غزة يترك إشعاعاً اجتماعياً ونفسياً لن يزول سريعاً: صدمات، فقدان الثقة بالمجتمع الدولي، وأجيال تنشأ على مشاهد الدم والركام.
من المسؤول عن الجريمة؟
بقدر ما كان التشبيه قاسياً، فإنه يوجّه أصابع الاتهام بشكل مباشر. إسرائيل هي المنفذ الأول لهذه الإبادة، لكن مسؤولية الصمت تقع على عاتق أطراف أخرى:
- المجتمع الدولي الذي اكتفى ببيانات شجب لا توقف الدم.
- الولايات المتحدة وحلفاؤها الذين يغطون العدوان سياسياً وعسكرياً.
- الدول العربية التي فضّلت مصالحها الاقتصادية والعلاقات الاستراتيجية على نصرة المدنيين.
أبورزق بذلك يضع معادلة واضحة: الكارثة ليست فقط نتيجة سلاح مدمّر، بل نتيجة تواطؤ وصمت سياسي سمح باستمرار المجزرة.
غزة جرح مفتوح للعالم
ما كتبه علي أبورزق ليس مجرد تغريدة عابرة، بل وثيقة إدانة للواقع الإقليمي والدولي. تشبيه "23 قنبلة نووية" هو صرخة لإيقاظ الضمير: إذا لم يتحرك العالم لوقف هذه المجازر، فإن التاريخ سيسجل أن غزة تعرضت لإبادة جماعية بغطاء من الصمت، وأن جيرانها والعالم بأسره وقفوا يتفرجون.
الكارثة اليوم ليست فقط في عدد الضحايا، بل في غياب العدالة والإنسانية، وهو ما يجعل جرح غزة مفتوحًا، لا يندمل إلا بزوال الاحتلال ووقف التواطؤ الدولي.