منذ ساعات أعلن رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز حزمة من 9 إجراءات تهدف إلى زيادة الضغوط على إسرائيل ووقف الإبادة في غزة وتضيق الخناق على الاحتلال وتساند الفلسطينيين بشكل مباشر، على الضفة الأخرى من المتوسط، اكتفى عبد الفتاح السيسي بخطابات مليئة بالشعارات الرنانة، دون أي إجراء فعلي يليق بمكانة مصر التاريخية أو بمآسي الشعب الفلسطيني.
المفارقة مؤلمة: إسبانيا التي لا تربطها حدود بغزة فعلت ما لم تجرؤ القاهرة على فعله رغم أنها الجار والشريك الأساسي لإسرائيل.
إسبانيا: قرارات جريئة ونموذج أخلاقي
بيدرو سانشيز لم يكتف بالإدانة أو التصريحات الإعلامية، بل حوّل مواقفه إلى قرارات على الأرض:
- حظر شامل على تصدير واستيراد السلاح المرتبط بإسرائيل.
- منع السفن العسكرية التي تخدم الاحتلال من دخول الموانئ الإسبانية.
- إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات التي تنقل معدات عسكرية لتل أبيب.
- حظر استيراد بضائع المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية.
- وضع قوائم سوداء لمسؤولين متورطين في جرائم حرب ومنع دخولهم البلاد.
- رفع المساعدات الإنسانية لغزة إلى 150 مليون يورو حتى 2026، مع دفعات عاجلة للأونروا.
- تحركات داخل الاتحاد الأوروبي لتعميم العقوبات وتوسيع دائرة الضغط.
- تجميد التعاون الأمني والعسكري مع الكيان الصهيوني بانتظار مراجعة شاملة.
- إصرار على نقل القضية إلى مستوى قانوني دولي لمحاسبة إسرائيل أمام المحاكم.
هذه ليست شعارات، بل خطوات ملموسة تجعل من مدريد أول عاصمة أوروبية تكسر حاجز الخوف وتضع الكيان أمام عزلة متزايدة.
مصر السيسي: شريك إسرائيل الذي يكتفي بالشعارات
في المقابل، يصر السيسي على لعب دور "المتفرج الكبير".
- كل ما صدر عنه لا يتجاوز بيانات متكررة عن “رفض التهجير” و”إدانة الإبادة”، لكن دون أي خطوة عملية.
- معبر رفح، شريان الحياة الوحيد لغزة، بقي رهينة الحسابات الأمنية المصرية والتفاهمات السرية مع إسرائيل، ما جعل إدخال المساعدات بطيئًا ومحدودًا.
- مصر لم تفرض أي عقوبة اقتصادية أو سياسية على الاحتلال، بل تواصل الشراكات التجارية والأمنية مع تل أبيب.
- في الأوساط الدولية، يُنظر للسيسي باعتباره الضامن الأكبر لأمن إسرائيل جنوبًا، أكثر من كونه نصيرًا للقضية الفلسطينية.
النتيجة أن القاهرة، رغم قربها الجغرافي والروحي من غزة، بدت أقرب لحليف استراتيجي لإسرائيل منها لمدافع عن الشعب الفلسطيني.
إسبانيا تكسب الاحترام… ومصر تفقد المصداقية
الخبير في القانون الدولي أنطونيو غوتيريز أكد أن قرارات بيدرو سانشيز “تُعد سابقة أوروبية ستفتح الباب أمام مقاضاة إسرائيل على جرائمها”، معتبرًا أن مدريد أثبتت أن الأخلاق يمكن أن تسبق المصالح.
فيما أشارت الباحثة في شؤون الشرق الأوسط د. ليلى أبو العلا إلى أن “إسبانيا وضعت نفسها في خانة المدافع الحقيقي عن القيم الإنسانية، بينما مصر السيسي خذلت الفلسطينيين رغم أنها الأقرب جغرافيًا وتاريخيًا”.
أما المحلل الإسباني خافيير مارتينيز فشدد على أن بلاده أرسلت رسالة قوية مفادها أن “أوروبا ليست رهينة لإسرائيل كما كانت”، مقارنًا ذلك بما وصفه بـ”صمت مخزٍ من القاهرة”.
وفي السياق نفسه، قال الباحث الفلسطيني ياسر الذعاترة إن “السيسي اكتفى بالكلام المكرر بينما يفتح أبوابه أمام إسرائيل اقتصاديًا وأمنيًا، في وقت أثبتت إسبانيا أنها أكثر عروبة من بعض العرب”.
اراء السوشيال
على وسائل التواصل الاجتماعي، جاءت الموجة عارمة: آلاف التغريدات والمنشورات أشادت بموقف بيدرو سانشيز، واعتبرت أن “إسبانيا أعادت للأوروبيين شيئًا من شرفهم المفقود”.
عبارات مثل “مدريد ترفع رأس الإنسانية” و“إسبانيا أقرب لفلسطين من مصر السيسي” انتشرت بشكل واسع.
في المقابل، لم يسلم السيسي من الغضب الشعبي، إذ وُصِف في مئات التعليقات بـ“الخائن” و“العميل” و“الحارس الأمين لحدود إسرائيل”، وتساءل كثيرون: كيف لرئيس يزعم الدفاع عن القضية الفلسطينية أن يظل الشريك الأول لتل أبيب أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا؟.
وبدا واضحًا أن الفارق بين زعيم يترجم أقواله إلى أفعال، وآخر يبيع القضايا بالكلمات الرنانة، جعل الرأي العام ينحاز لإسبانيا ويصب جام غضبه على مصر.
وأخيرا فالمقارنة لا تحتمل التأويل: إسبانيا التي تبعد آلاف الكيلومترات عن غزة تجرأت على مواجهة إسرائيل بخطوات عملية، بينما السيسي اكتفى بعبارات خاوية، بل استمر في لعب دور الصديق الحميم والشريك الاستراتيجي للاحتلال. إن ما فعله سانشيز أعاد لمدريد بريقًا أخلاقيًا في المشهد الدولي، بينما ما لم يفعله السيسي عمّق صورة مصر كـ”شريك مطيع لإسرائيل” بدلًا من أن تكون قائدة لدعم فلسطين.