قبل أيام قليلة من الموعد الرسمي للافتتاح الكامل لمشروع سد النهضة الإثيوبي، صعّد رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، من تصريحاته المثيرة للجدل، مؤكدًا أن السد ليس سوى "البداية"، وأن بلاده تملك القدرة والإرادة لبناء المزيد من السدود على مجرى النيل الأزرق لتوليد كميات ضخمة من الطاقة الكهربائية.
وقال آبي أحمد، في مقابلة نقلتها إذاعة "فانا" الإثيوبية من موقع السد، إن المشروع "لا يستهدف الإضرار بدول المصب، وإنما يسعى لتحقيق التنمية المشتركة وحماية البيئة"، على حد زعمه. وأضاف أن المياه التي يتم تخزينها تمرر بشكل طبيعي إلى دولتي السودان ومصر، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي هو توليد الكهرباء وتوفير موارد للتنمية الاقتصادية.
"حقوق طبيعية" أم تهديد مباشر؟
أوضح آبي أحمد أن استفادة بلاده من موارد النيل الأزرق "حق طبيعي وعادل"، مثلما هو حق لدول المصب، مشددًا على أن الاتهامات الموجهة لإثيوبيا بأنها "تسرق المياه" أو "توقف جريان النيل" غير صحيحة من الناحية العلمية والعملية.
وأكد أن السد مصمم لتخزين نحو 74 مليار متر مكعب من المياه، ومع ذلك سيستمر تدفق النهر إلى الجوار.
وفي الوقت الذي يحاول فيه رئيس الوزراء الإثيوبي طمأنة الرأي العام الإقليمي، يرى خبراء أن تصريحاته الأخيرة تحمل في طياتها رسالة تحدٍّ واضحة لمصر والسودان، إذ أشار بشكل غير مباشر إلى إمكانية بناء مزيد من السدود مستقبلًا، وهو ما قد يُضاعف المخاطر المائية على دول المصب.
جدل حول التمويل والدور الخارجي
على الجانب الآخر، يتداول مراقبون مصريون معلومات عن أن المشروع لم يكن ليكتمل لولا الدعم الخارجي، خاصة من الولايات المتحدة وإسرائيل، في ظل صمت رسمي مصري يصفه مراقبون بـ"المريب".
فالرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان قد تحدث صراحة عن مساهمات أميركية في مشروع سد النهضة، ما اعتبره البعض تأكيدًا على وجود أبعاد سياسية تتجاوز قضية التنمية المعلنة.
كما يشير بعض الخبراء إلى أن إسرائيل لعبت دورًا غير مباشر في تمويل المشروع وتقديم الدعم الفني، في إطار سعيها لتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية وتأمين أوراق ضغط إضافية على القاهرة.
صمت مصري وانتقادات داخلية
في الوقت الذي تُدشّن فيه إثيوبيا مشروعها العملاق باحتفالات رسمية، يلتزم النظام المصري الصمت إزاء التطورات، مكتفيًا بتصريحات دبلوماسية متفرقة لا ترقى إلى مستوى التحديات الوجودية التي يفرضها السد.
ويرى معارضون أن هذا "الخوف والضعف" من جانب القاهرة منح آبي أحمد مساحة أكبر للمناورة والمضي قدمًا في استكمال مشروعه دون أي عوائق سياسية أو تفاوضية تُذكر.