أعلن وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو، أن بلاده ستتخذ قرارًا بالاعتراف الرسمي بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستُعقد في نيويورك خلال سبتمبر الجاري.
ويأتي الإعلان البلجيكي في لحظة شديدة الحساسية، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية التي وصفتها منظمات دولية بـ"الكارثية".
ضغوط إنسانية وسياسية
وأوضح بريفو، عبر منشور على منصة "إكس"، أن القرار جاء "نظرًا للمأساة الإنسانية الجارية في فلسطين، وبخاصة في قطاع غزة، وفي مواجهة أعمال العنف التي تمارسها إسرائيل في انتهاك صريح للقانون الدولي".
وأضاف أن بروكسل لم تجد بدًا من "اتخاذ قرارات حازمة لزيادة الضغط على الحكومة الإسرائيلية وعلى حركة حماس التي تُتهم بارتكاب أعمال إرهابية"، على حد تعبيره.
وأشار الوزير البلجيكي إلى أن بلاده "لا تستهدف الشعب الإسرائيلي"، بل تسعى لإجبار الحكومة الإسرائيلية على احترام التزاماتها بالقانون الدولي والإنساني.
كما اشترط أن يتم الاعتراف الرسمي بفلسطين فور إطلاق سراح جميع الرهائن، وضمان ألا يكون لحركة حماس أي سلطة سياسية مباشرة على الدولة الفلسطينية المرتقبة.
عقوبات وإجراءات داخلية
بالتوازي مع خطوة الاعتراف، أعلنت الحكومة البلجيكية أنها بصدد اتخاذ 12 إجراءً داخليًا تشمل:
- حظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- إدراج وزراء إسرائيليين متطرفين، وعدد من المستوطنين العنيفين، إلى جانب قادة من حركة حماس، على قائمة "الأشخاص غير المرغوب فيهم" داخل بلجيكا.
- دراسة فرض عقوبات اقتصادية وتجارية إضافية للضغط على إسرائيل.
هذا الموقف لم يكن معزولًا، فقد سبقه إعلان من نائبة رئيس الوزراء البلجيكي بيترا دي سوتر عن نية بلادها فرض عقوبات أوسع على تل أبيب ردًا على استمرار العمليات العسكرية في غزة.
كما كان لافتًا أن نقابات عمال النقل البلجيكية أبدت دعمها للقضية الفلسطينية من خلال رفضها تفريغ أو تحميل شحنات أسلحة متجهة لإسرائيل، وهو ما يعكس اتساع التضامن الشعبي والنقابي مع الفلسطينيين داخل بلجيكا.
موجة اعترافات أوروبية وغربية
تزامن الموقف البلجيكي مع توجه مشابه من عدد من الدول الغربية، أبرزها: فرنسا، كندا، بريطانيا، نيوزيلندا وأستراليا، والتي أعلنت خلال الأسابيع الماضية عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية رسميًا خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبحسب مراقبين، فإن هذا التحول يمثل بداية "شرخ" داخل الموقف الغربي التقليدي الذي كان يتسم بالتردد إزاء الاعتراف بفلسطين، رغم أن نحو 150 دولة عضو في الأمم المتحدة سبق أن اعترفت بها.
وما زالت قوى كبرى تمتلك حق النقض (الفيتو) مثل الولايات المتحدة ترفض حتى الآن الانضمام إلى هذا الاعتراف.
إسرائيل تحت المجهر الدولي
بالتزامن مع هذه المواقف، تتعرض إسرائيل لموجة انتقادات غير مسبوقة بسبب القصف المكثف والحصار المفروض على قطاع غزة، حيث يعاني السكان من انعدام الغذاء والدواء والمياه.
وقد حذّرت منظمات دولية من خطر المجاعة وانتشار الأمراض، واعتبرت أن الإجراءات الإسرائيلية قد ترقى إلى "جرائم حرب".
كما أثار قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينت" بالمضي في خطة للسيطرة العسكرية الكاملة على مدينة غزة موجة غضب عالمي، إذ اعتُبر هذا المخطط تهديدًا مباشرًا لأي مسار نحو السلام أو حل الدولتين.