في واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية التي شهدتها أفغانستان منذ عقود، أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية أن عدد ضحايا الزلزال الذي ضرب شرق البلاد ارتفع إلى 622 قتيلًا، فيما أصيب مئات آخرون بجروح خطيرة، وسط دمار واسع طال المنازل والبنية التحتية في المناطق المتضررة.
تفاصيل الزلزال والمناطق المتأثرة
ضرب الزلزال الذي بلغت قوته نحو 6.3 درجات على مقياس ريختر، مناطق واسعة شرق أفغانستان، حيث كانت ولايات باكتيكا وخوست الأكثر تضررًا.
ووقع الزلزال في الساعات الأولى من فجر اليوم، ما جعل معظم السكان نائمين داخل منازلهم المبنية بالطوب الطيني، والتي انهارت على رؤوس ساكنيها، ما أسفر عن ارتفاع كبير في عدد الضحايا.
وأشارت هيئة المسح الجيولوجي إلى أن مركز الزلزال كان على عمق ضحل، ما جعل تأثيره مدمرًا رغم أن قوته لم تكن في الحد الأعلى.
هذا العامل، إلى جانب هشاشة المباني في المناطق الريفية، ساهم في ارتفاع حصيلة الوفيات والإصابات.
حصيلة الضحايا والمصابين
بحسب البيان الرسمي لوزارة الداخلية الأفغانية، فإن عدد القتلى بلغ 622 شخصًا حتى الآن، بينما تجاوز عدد المصابين المئات، بينهم حالات حرجة قد ترفع الحصيلة خلال الساعات القادمة.
وأضافت الوزارة أن عمليات الإنقاذ ما زالت جارية في القرى النائية التي يصعب الوصول إليها بسبب سوء الطرق وانهيار الجسور.
وقالت فرق الإغاثة إن مئات المنازل دمرت بالكامل، فيما تركت آلاف العائلات بلا مأوى أو طعام أو مياه، في وقت تتزايد فيه المخاوف من أزمة إنسانية واسعة.
مشاهد مأساوية ومعاناة الناجين
انتشرت صور مروعة على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تظهر حجم الدمار الذي لحق بالقرى الأفغانية؛ منازل مهدمة بالكامل، وجثث تحت الأنقاض، وأطفال يبحثون عن ذويهم.
وقال أحد الناجين لوسائل الإعلام: "فقدت كل أفراد أسرتي، لم أعد أملك شيئًا، حتى المأوى أصبح حلمًا".
وفي ظل غياب البنية التحتية الطبية الكافية، تم تحويل المساجد والمدارس إلى مراكز إسعاف مؤقتة لعلاج الجرحى. لكن الأطباء يؤكدون أن نقص الأدوية والمستلزمات يعيق جهود إنقاذ الأرواح.
ضعف الاستجابة وصعوبة الوصول للمناطق المتضررة
تواجه السلطات الأفغانية تحديات هائلة في إيصال المساعدات بسبب الطبيعة الجبلية للمنطقة وانهيار الطرق.
كما أن الوضع الاقتصادي والسياسي الهش في البلاد بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم جعل الاستجابة أبطأ وأقل فاعلية، في وقت تراجع فيه الدعم الدولي لأفغانستان.
الناطق باسم وزارة الكوارث الطبيعية دعا المجتمع الدولي إلى تقديم مساعدات عاجلة، قائلًا: "نحتاج إلى خيام، طعام، أدوية، ومعدات إنقاذ فورًا، فالوضع كارثي".
خطر تفشي الأمراض وأزمة إنسانية وشيكة
مع تكدس الناجين في أماكن الإيواء المؤقتة وانقطاع مياه الشرب، يحذر خبراء الصحة من انتشار الأمراض المعدية مثل الإسهال والكوليرا.
كما أن درجات الحرارة المنخفضة ليلاً تزيد من معاناة المتضررين، خصوصًا الأطفال وكبار السن.
مواقف دولية وتحذيرات مستقبلية
الأمم المتحدة عبرت عن قلقها العميق إزاء الكارثة، وأعلنت أنها ستطلق خطة طوارئ لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، لكنها أكدت أن الوضع على الأرض معقد للغاية.
وفي المقابل، بدأت بعض الدول المجاورة مثل باكستان وإيران بإرسال فرق إنقاذ ومساعدات عاجلة.
الزلزال يذكّر بهشاشة البنية التحتية
هذه الكارثة أعادت تسليط الضوء على هشاشة البنية التحتية في أفغانستان، حيث تعتمد معظم القرى على منازل طينية غير مقاومة للزلازل.
ويرى الخبراء أن غياب التخطيط الحضري وضعف المعايير الهندسية يجعل كل زلزال كارثة محتملة.
وبينما تكافح فرق الإنقاذ وسط الأنقاض، تبقى أفغانستان أمام اختبار صعب في مواجهة كارثة إنسانية جديدة، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية خانقة.
وما لم يتم التدخل الدولي بشكل عاجل، فإن تداعيات هذا الزلزال ستظل تلقي بظلالها على ملايين الأفغان لفترة طويلة قادمة.