في خطوة غير مسبوقة تكشف حجم الغضب الأوروبي من السياسات الإسرائيلية في غزة، أعلن وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن استعداد بلاده لفرض عقوبات على وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو، ومنع استيراد منتجات المستوطنات.

هذه التصريحات تأتي في وقتٍ تتصاعد فيه الانتقادات الأوروبية ضد الاحتلال الإسرائيلي، بعد المجازر المروعة التي أودت بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، وسط اتهامات لتل أبيب بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
 

الموقف الدنماركي: رسالة حادة لإسرائيل
قال وزير الخارجية الدنماركي في تصريحات رسمية: "نحن مستعدون للنظر في فرض عقوبات على شخصيات في الحكومة الإسرائيلية، إذا استمرت الانتهاكات بحق المدنيين في غزة، وسنناقش مع شركائنا الأوروبيين حظر استيراد منتجات المستوطنات غير القانونية".

هذه التصريحات تعكس تحولًا في اللهجة الأوروبية التقليدية المترددة تجاه إسرائيل، إذ كانت الدنمارك دائمًا ضمن الدول التي تلتزم بمواقف الاتحاد الأوروبي الموحدة، لكنها اليوم تلوح بخطوات أكثر تشددًا، بما في ذلك العقوبات الفردية على وزراء بارزين في حكومة نتنياهو المتطرفة.
 

غضب أوروبي من الإبادة في غزة
الغضب الأوروبي ليس وليد اللحظة، بل تصاعد منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني بينهم آلاف الأطفال والنساء، وتدمير البنية التحتية بشكل شبه كامل. مشاهد المجازر الجماعية في المستشفيات والمخيمات، والحصار الخانق الذي حرم سكان غزة من الغذاء والدواء والماء، أشعلت موجة غضب عارمة في الشارع الأوروبي.

تظاهرات ضخمة اجتاحت باريس، برلين، كوبنهاغن، مدريد، ولندن مطالبة بوقف تصدير السلاح لإسرائيل ومحاكمة قادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

البرلماني الأوروبي ميكوال سيفيرسكي صرح قائلًا: "ما يحدث في غزة ليس دفاعًا عن النفس، بل إبادة ممنهجة، وصمت المجتمع الدولي يجعلنا شركاء في الجريمة".
 

الاتحاد الأوروبي بين الضغوط والقرارات الرمزية
رغم الغضب الشعبي، ظل الاتحاد الأوروبي مترددًا في اتخاذ خطوات عملية ضد إسرائيل، مكتفيًا ببيانات إدانة ودعوات لوقف إطلاق النار.
لكن الضغوط الشعبية والحقوقية دفعت بعض الدول مثل إسبانيا وإيرلندا وبلجيكا لاتخاذ مواقف أكثر صرامة، من بينها الدعوة إلى فرض حظر سلاح على إسرائيل والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

الدنمارك بانضمامها لهذا التوجه قد تمثل بداية تكتل أوروبي جديد يسعى لإجراءات عقابية حقيقية، خاصة مع وجود دعوات من نواب أوروبيين لوقف اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع إسرائيل إذا استمرت الجرائم في غزة.
 

العقوبات المحتملة وأبعادها
العقوبات التي تتحدث عنها الدنمارك تشمل:

  • منع دخول وزراء إسرائيليين متطرفين إلى أراضيها.
  • تجميد أصول شخصيات متورطة في جرائم الحرب.
  • منع استيراد منتجات المستوطنات في الضفة الغربية، والتي تعتبر غير شرعية بموجب القانون الدولي.

هذه الإجراءات، إن طُبقت، ستكون سابقة أوروبية قوية ضد إسرائيل، وقد تفتح الباب أمام دول أخرى مثل النرويج والسويد لاتخاذ خطوات مماثلة.

وفي النهاية فبينما تستمر آلة القتل الإسرائيلية في حصد أرواح الأبرياء في غزة، يبدو أن الصبر الأوروبي بدأ ينفد، والتهديدات الدنماركية تمثل أول شرارة لعقوبات قد تغيّر معادلة الدعم الغربي المطلق لإسرائيل.

ومع تزايد الدعوات في العواصم الأوروبية لفرض حظر على السلاح وإنهاء التواطؤ مع حكومة نتنياهو المتطرفة، يبقى السؤال: هل تتحول هذه التهديدات إلى واقع يضغط على الاحتلال لوقف جرائمه، أم ستبقى أوروبا أسيرة مصالحها مع تل أبيب؟