في مشهد صادم، هزّ الرأي العام الأوروبي والعالمي، تعرضت ناشطة ألمانية معروفة بمواقفها الإنسانية، لاعتداء وحشي على يد مجموعة من المتطرفين خلال مشاركتها في احتجاج سلمي يندد بإبادة المدنيين في غزة.
الحادثة التي وقعت في إحدى الساحات العامة بألمانيا، كشفت عن تناقضات خطيرة بين القيم التي ترفعها أوروبا وبين ممارسات بعض الجهات التي تدّعي حماية الديمقراطية وحرية الرأي.
 

الواقعة بالتفصيل
بحسب شهود عيان، كانت الناشطة تحمل لافتة كتب عليها "أوقفوا الإبادة في غزة" عندما اقتربت منها مجموعة من الأشخاص، بينهم عناصر يُشتبه في انتمائهم إلى تيارات يمينية متطرفة، وانهالوا عليها بالضرب المبرح والركل حتى أدموها.
تمزقت ملابسها وسقطت أرضًا وسط غياب شبه تام لتدخل الشرطة في اللحظة المناسبة.
الناشطة نُقلت إلى المستشفى في حالة صدمة، فيما اكتفت السلطات بفتح تحقيق شكلي، ما زاد من حدة الانتقادات الموجهة لأجهزة الأمن الألمانية.
https://x.com/i/status/1961152666593284468
 

غضب شعبي وانتقادات واسعة
تصدرت صور الناشطة وهي ملطخة بالدماء مواقع التواصل الاجتماعي، لتفجر موجة غضب عارمة بين النشطاء والمنظمات الحقوقية.
هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أصدرتا بيانات عاجلة تدين الحادثة وتطالبان الحكومة الألمانية بضمان سلامة المتظاهرين وحماية حرية التعبير.

الإعلام الألماني بدوره انقسم؛ ففي حين حاولت بعض الصحف التقليل من أهمية الحادثة، خرجت أخرى بعناوين صادمة مثل: "حرية التعبير تحت الضربات" و"ألمانيا إلى أين؟".
 

آراء الخبراء والشخصيات العامة
الكاتب السياسي نظام المهداوي "إنسانة ألمانية جميلة، بقلب جميل وإحساس جميل، تتعرض لهجوم مجموعة من الوحوش يعتدون عليها بلا رحمة حتى أدموها.
ما فعلت هذه المرأة شيئًا سوى أنها عبّرت عن غضبها من إبادة غزّة، فإذا بالوحوش يعاملونها كأنها مندسّة إرهابية، لا كمواطنة لها كرامتها وحقوقها."

الدكتور مراد علي، خبير القانون الدولي، أكد أن ما حدث "يُعد جريمة كراهية مكتملة الأركان، وانتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أن "سكوت السلطات سيعني تشجيع المزيد من الاعتداءات على المعارضين للسياسات الإسرائيلية".

هيثم أبو خليل، الناشط الحقوقي، غرد قائلاً: "نظام المهداوي دفعت ثمن موقفها الإنساني ضد الإبادة، بينما أوروبا التي تدّعي الحرية كشفت عن وجهها الحقيقي".

أندرياس بوم، أستاذ العلوم السياسية بجامعة برلين، حذر من تصاعد العنف ضد المؤيدين لفلسطين قائلاً: "هذه ليست حادثة معزولة، بل جزء من حملة ممنهجة لتكميم الأفواه".

ليلى خالد، الناشطة الفلسطينية، كتبت: "ألمانيا التي لم تتعلم من تاريخها، تعيد إنتاج الفاشية ضد من يرفض الجرائم الإسرائيلية".
 

البعد السياسي والإعلامي
الحادثة تفتح الباب على مصراعيه أمام نقاش حساس: هل أصبحت حرية التعبير في أوروبا انتقائية؟
الخبراء يحذرون من أن التواطؤ الرسمي في مثل هذه الأحداث قد يؤدي إلى انزلاق خطير نحو تقييد أي صوت يناهض السياسات الإسرائيلية.
كما اعتبر محللون أن "اللوبيات المؤيدة لإسرائيل" تلعب دورًا في خلق بيئة عدائية ضد المتضامنين مع فلسطين، حتى لو كانوا مواطنين أوروبيين.

وفي النهاية فاعتداء اليوم لم يكن مجرد حادث فردي، بل رسالة خطيرة مفادها أن الدفاع عن حقوق الفلسطينيين بات جريمة في عيون بعض القوى في الغرب.
وبينما ينزف الجسد الفلسطيني تحت القصف، باتت الأصوات الحرة في أوروبا تنزف بدورها تحت الضربات، في مشهد يُظهر حجم الانحطاط الأخلاقي والسياسي الذي يعيشه العالم المعاصر.