أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع، مرسوم رقم 149 لعام 2025، القاضي بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية، في إطار مساعٍ رسمية لطي صفحة سنوات طويلة من الصراع والانتهاكات، ومعالجة الملفات العالقة التي أثقلت كاهل المجتمع السوري، في خطوة وُصفت بالمفصلية على طريق بناء دولة القانون في سوريا.
المرسوم الذي يأتي استناداً إلى الإعلان الدستوري ومرسوم إحداث الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية رقم 20 لعام 2025، نصّ على تشكيل لجنة الهيئة من مجموعة شخصيات قانونية وسياسية واجتماعية، برئاسة عبد الباسط عبد اللطيف، وعضوية كل من زهرة نجيب البرازي كنائب للرئيس، و11 عضواً آخرين، بينهم محامون وأكاديميون وحقوقيون بارزون مثل: أحمد سيفو السيفو، جمانة رياض سيف، حسن محمد جبران، ياسمين علي مشعان، محمد خير محمد أيوب، محمد إبراهيم الدغيم، أحمد محمد حزرومة، زيد مروان صباغ، فتاة محمد صقر، تركي عبد العزيز عبد الحميد، ورديف مصطفى أنور.
وبحسب المرسوم، فإن أعضاء الهيئة سيباشرون مهامهم بإشراف رئيسها فور تبلّغهم بالقرار، على أن تُوزع المهام بينهم وفق النظام الداخلي الناظم لعمل الهيئة، ويصبح المرسوم نافذاً من تاريخ صدوره.
مهام ومسؤوليات ثقيلة
يرى خبراء القانون أن هذه الخطوة تأتي ضمن مسار أوسع لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع.
وفي هذا السياق، قال المحامي أيهم السبسبي إن تشكيل الهيئة يمثل "خطوة مفصلية في مسار الدولة السورية نحو تعزيز العدالة وبناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة".
وأكد السبسبي أن الهيئة الجديدة "تضع إطاراً قانونياً لمعالجة تراكمات عاشها السوريون لسنوات، بما في ذلك الانتهاكات والجرائم والنزاعات العقارية والحقوقية"، مشدداً على أن عملها لن يقتصر على الجانب القضائي بل سيمتد إلى قضايا جبر الضرر، محاسبة المسؤولين عن الجرائم، وإنصاف المتضررين.
وأضاف: "الهيئة ضرورة وطنية لبدء عملية إغلاق ملفات عالقة منذ سنوات، وهي مطالبة بتوفير بيئة قانونية متينة تضمن الاستقرار وتؤسس لمرحلة جديدة من المصالحة الوطنية".
نحو ترسيخ دولة القانون
يشير مراقبون إلى أن العدالة الانتقالية ليست خياراً سياسياً ترفياً بقدر ما هي حاجة وطنية وشرط أساسي لبناء دولة القانون، إذ تضمن – إذا أُحسن تطبيقها – عدم تكرار الانتهاكات، وتضع أرضية صلبة لمرحلة جديدة تحت عنوان العدالة والمساواة.
وفي هذا السياق، يضيف السبسبي أن "الخطوة تمثل مساراً جديداً في طريق العدالة، وهو ما تحتاجه سوريا اليوم أكثر من أي وقت مضى، حيث تسعى البلاد لإعادة بناء مؤسساتها على أسس من المصالحة والإنصاف".