في مقالة نادرة الصراحة نشرت في صحيفة هآرتس، وجه الكاتب الإسرائيلي المعروف أوري مسغاف نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، داعياً الدول الديمقراطية إلى التدخل لإنقاذ إسرائيل من قياداتها السياسية الحالية. العنوان وحده – "نداء عاجل إلى العالم.. أنقذوا إسرائيل من قيادتها" – يكشف عن عمق الأزمة الداخلية في الدولة العبرية، حيث يشعر قطاع واسع من الليبراليين والديمقراطيين بالاختناق تحت حكم حكومة نتنياهو.

 

صوت داخلي يعكس اليأس والقلق

افتتح مسغاف مقاله بالقول: "هذا نداء إلى الحكومات والدول في كافة أنحاء العالم الديمقراطي. أعتقد أنها تمثل غالبية الجمهور الليبرالي الديمقراطي في إسرائيل. ساعدونا. أنقذونا من أنفسنا. نحن بحاجة لمساعدتكم". هذه الكلمات، التي جاءت من قلب المجتمع الإسرائيلي، تظهر قلقاً داخلياً غير مسبوق من سياسة الحكومة وقياداتها، والتي يرى الكاتب أنها تتحرك وفق مصالح ذاتية ضيقة على حساب الأمن الوطني والمستقبل السياسي والاجتماعي لإسرائيل.

يشير المسغاف إلى أن هذه القيادة تمثل "لعنة عليهم"، حيث أن الوجه الآخر للسلطة الحاكمة هو المزيد من الدم وسفك الدماء. ويضيف أن السياسات الحالية، سواء في المجال العسكري أو السياسي أو الاجتماعي، تؤكد مسار النهاية، وهو مصطلح يعكس شعوراً واسعاً باليأس تجاه استمرار حكومة نتنياهو وسياساتها العدوانية.

 

دعوة دولية للتدخل غير العنيف

لم يكتف الكاتب بالإشارة إلى الأزمة الداخلية، بل حث الدول الديمقراطية على تطبيق ضغوط حقيقية على القيادة الإسرائيلية. فقد كتب: "لا داعي لقصف تل أبيب كما فعلتم في صربيا. يكفي حظرٌ على الأسلحة الهجومية والتهديد بقطع العلاقات. فقط اجعلوا نتنياهو وأتباعه الحقراء يركعون، وساعدونا على رميه في مزبلة التاريخ. نتوسل إليكم. لقد حان الوقت. لم نعد نحتمل".

هذا المقطع يظهر أن هناك قسم كبير من المجتمع الإسرائيلي يرفض مسار التصعيد العسكري والسياسات العدائية، ويطالب بالضغط الدولي كوسيلة لإجبار الحكومة على التغيير. التلميح إلى تجارب سابقة، مثل صربيا، يعكس قدرة الكاتب على تقديم مقارنات تاريخية لتوضيح أن الحلول لا تحتاج إلى تدخل دموي مباشر، بل إلى ضغوط دبلوماسية واقتصادية مستهدفة.

 

انعكاسات الأزمة على الداخل الإسرائيلي

النداء الذي وجهه مسغاف يكشف عن أزمة ثقة داخلية كبيرة بين الحكومة والشعب، حيث يصف الكاتب قيادات إسرائيل بأنها "تبيع أحلام التوسع والهيمنة لكسب الوقت والبقاء في الحكم". هذه الصورة تعكس حالة احتقان شعبي متزايدة، إذ يرى الإسرائيليون أن الأولوية لدى الحكومة هي البقاء في السلطة بدلاً من تحقيق مصالح المواطنين والأمن الوطني.

الخبير الإسرائيلي في السياسة الداخلية، د. يوسي كوهن، يشير إلى أن خطاب الاستغاثة هذا يعكس حالة من الاستياء الداخلي غير المسبوق، خصوصاً بين الليبراليين والديمقراطيين الذين يعتقدون أن الحكومة الحالية تعمل ضد مصالح المجتمع الإسرائيلي نفسه. هذا الاستياء الداخلي يُترجم إلى دعوات للتدخل الدولي، وهو مؤشر واضح على ضعف الثقة في المؤسسات الحكومية وقدرتها على التعامل مع التحديات الوطنية والسياسية.

 

خطر المسار الحالي على الأمن والاستقرار

من زاوية تحليلية، يرى المراقبون أن مسار الحكومة الحالي يقود إلى مزيد من التوتر الداخلي والخارجي. سياسات التوسع والسيطرة على الأراضي، إلى جانب التصعيد العسكري المستمر، قد تؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية داخل إسرائيل، وتزيد من عزلة الدولة دبلوماسياً. ويعتبر نداء مسغاف محاولة لإشراك المجتمع الدولي في إعادة ضبط المسار قبل أن تتفاقم الأزمة بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

 

استغاثة داخلية تحذر من المستقبل

النداء الذي وجهه الكاتب الإسرائيلي أوري مسغاف هو صرخة تحذير غير مسبوقة من داخل الدولة العبرية، تعكس قلقاً عميقاً تجاه قياداتها السياسية. الرسالة واضحة: استمرار سياسات الحكومة الحالية سيؤدي إلى مزيد من الدم، والمزيد من الاحتقان الداخلي، وربما انهيار الثقة الوطنية. وفي الوقت الذي يطالب فيه الشعب الديمقراطي في إسرائيل بالضغط الدولي، يبقى السؤال الأهم: هل ستستجيب الحكومات العالمية لهذا النداء، أم ستظل إسرائيل تواجه أزمتها الداخلية بمفردها، تحت وطأة سياسات قيادة لا تفكر إلا في البقاء؟