كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، نقلاً عن وثائق دبلوماسية عربية وأجنبية، تفاصيل غير مسبوقة حول طبيعة المواقف الإقليمية والدولية من التطورات الجارية في سوريا بعد وصول السلطة الجديدة إلى الحكم، مسلطة الضوء على تحفظات القاهرة، ومخاوف بغداد، وتشدد موسكو، إلى جانب تحذيرات الأمم المتحدة.
القاهرة: رفض التعامل مع شخصيات مطلوبة قضائياً
الوثائق أشارت إلى أن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وخلال اجتماع وزاري عُقد على هامش مؤتمر باريس حول سوريا في 13 فبراير الماضي، شدّد على أن القاهرة "تستحيل عليها إقامة أي علاقة طبيعية مع بعض الشخصيات في السلطة السورية الجديدة"، مؤكداً أن بعض هؤلاء يواجهون أحكاماً قضائية في مصر بتهم مرتبطة بالإرهاب، منها المشاركة في اغتيال النائب العام المصري السابق.
العراق: قلق من تمدد "داعش"
أما وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، فأبدى – وفق الوثائق – مخاوف متصاعدة من تحركات لعناصر إرهابية قد تعيد رسم خريطة التوتر في المنطقة، مشيراً إلى وجود مئات من مقاتلي "داعش" في وادي حوران غرب العراق، واحتمال انضمام مقاتلين سوريين إليهم.
وأضاف أن انسحاب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من الشريط الحدودي ترك فراغاً أمنياً واسعاً، ما يجعل الاصطدام العسكري بين "داعش" والسلطة الجديدة في دمشق أمراً محتوماً.
موسكو: لا حل من دون القوى الكبرى
في المقابل، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقاء في موسكو أن أي مصالحة سياسية حقيقية في سوريا لن تكون ممكنة ما لم تُشارك فيها القوى الكبرى في مجلس الأمن، إلى جانب إيران.
لافروف حذّر من محاولات غربية لـ إقصاء موسكو وبكين من مسار التسوية، معتبراً أن ذلك قد يفتح الباب أمام فشل كامل لأي عملية سياسية ويعيد البلاد إلى دوامة العنف.
الجنوب السوري: غضب شعبي بعد الغارات الإسرائيلية
إحدى الوثائق الدبلوماسية تحدثت عن احتقان شعبي واسع في الجنوب السوري بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة، التي أدت إلى سقوط شهداء وتدمير منازل ومرافق مدنية.
التقارير شددت على أن المزاج الشعبي يطالب بالرد الفوري على الاعتداءات، فيما أوصت بعض الأوساط المقربة من السلطة بضرورة "احتواء التوتر عبر التأكيد أن الجيش السوري وحده يملك قرار الرد، وأن إسرائيل تسعى لإفشال أي استقرار ناشئ".
بيدرسون: إسرائيل "تلعب بالنار" والمجازر تهدد النسيج الاجتماعي
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، وفي وثيقة أممية، حذّر من أن إسرائيل "تلعب بالنار" في المنطقة، لافتاً إلى خطورة التصريحات الصادرة عن تل أبيب في الأسابيع الأخيرة.
وفي تقرير آخر لمجلس الأمن، أبدى بيدرسون قلقه من المجازر التي شهدتها مناطق الساحل السوري مؤخراً، والتي استهدفت – بحسب قوله – "عائلات علوية كاملة وأسرى سابقين سلّموا أسلحتهم"، متهماً أطرافاً محلية بعضها مرتبط بوزارة الدفاع السورية بالضلوع في تلك الجرائم.
وأضاف أن الطائفة العلوية باتت تشعر بأنها "مستهدفة ومُهمّشة عمداً" بعد أن جرى نزع سلاحها وتسريح موظفيها العسكريين والمدنيين، محذراً من أن تصاعد الخطاب الطائفي يهدد وحدة المجتمع السوري ويغذي الكراهية.