أثار إعلان ترقية نجل خليفة حفتر، الفريق خالد حفتر، إلى منصب رئيس الأركان العامة لما يُسمى بـ"الجيش الوطني الليبي"، خلفًا لعبد الرازق الناظوري، موجة من الغضب في الأوساط الليبية والعربية، خصوصًا بعد اتضاح الدعم المصري الفاضح لهذه الخطوة.
بالتزامن، جرى تعيين شقيقه صدام حفتر نائبًا للقائد العام، في مشهد يؤكد تحوّل المليشيات التي تسيطر على شرق ليبيا إلى إمبراطورية عائلية تحكم بالحديد والنار، وسط مباركة من القاهرة التي لا تتردد في دعم كل ما يجهض أي مشروع ديمقراطي في المنطقة.

مصدر مصري مطلع على الملف الليبي كشف أن القاهرة "أبدت ارتياحًا كبيرًا" لهذه التعيينات، معتبرة إياها "خطوة إيجابية لتعزيز الاستقرار"، وهو الخطاب الذي تكرره الحكومة المصرية في كل تدخلاتها التي تنتهي بمزيد من الدماء والانقسامات.

اللافت أن رئيس أركان الجيش المصري، الفريق أحمد خليفة، سارع إلى إرسال برقية تهنئة لخالد حفتر، وصف فيها الخطوة بأنها "تعزز التعاون المشترك بين البلدين"، في دلالة واضحة على أن القاهرة ترى في حفتر حليفًا استراتيجيًا لبقاء نفوذها في ليبيا مهما كان الثمن.
 

محللون: القاهرة تخشى الديمقراطية في ليبيا
يقول الباحث في الشؤون العربية د. أمين المشد إن مصر لا تتحرك بدوافع بريئة، بل تنفذ سياسة ممنهجة لإبقاء ليبيا تحت حكم عسكري تابع.
وأضاف في تصريح خاص: "القاهرة لا تريد ليبيا ديمقراطية، لأنها تدرك أن أي نجاح للديمقراطية على حدودها يعني زلزالًا سياسيًا يهدد نظامها الاستبدادي".

أما الخبير الأمني محمد جاد الله، فيرى أن هذه التعيينات "إعادة إنتاج لانقلاب جديد" بدعم مصري صريح، مشيرًا إلى أن النظام المصري لعب نفس الدور عام 2014 عندما وفر الغطاء السياسي والعسكري لحفتر في أول انقلاب على المسار الانتخابي.
 

دعم تحت ستار التعاون العسكري
الخبير الاستراتيجي حسام عبد العال وصف إرسال برقية التهنئة من الجيش المصري بأنه "أكثر من مجرد مجاملة دبلوماسية"، مؤكداً أن القاهرة تقدم دعمًا لوجستيًا واستخباراتيًا كبيرًا لقوات حفتر منذ سنوات.
وأضاف: "الحديث عن تعزيز الاستقرار مجرد شماعة لتبرير تدخلات هدفها تكريس حكم الميليشيات".

أما المحلل السياسي الليبي أشرف المقريف فقال: "من يدعم الانقلابات في ليبيا لا يبحث عن استقرار، بل يريد ضمان نفوذ اقتصادي في النفط والموانئ، وهو ما تسعى إليه مصر بشراسة، حتى لو على حساب دماء الليبيين".
 

ليبيون: مصر راعية الانقلابات في المنطقة
أثارت هذه التعيينات موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا، حيث اعتبر ناشطون أن القاهرة أصبحت "الراعي الرسمي للانقلابات في المنطقة"، متهمين النظام المصري بالتدخل السافر في الشأن الليبي لإبقاء البلاد تحت قبضة عسكرية تخدم مصالحه.
وكتب الناشط الليبي إسماعيل الفيتوري عبر فيسبوك: "كلما اقتربنا من انتخابات، يظهر حفتر مدعومًا من مصر والإمارات، ليعيد عقارب الساعة إلى الوراء".
بينما غرّد الصحفي أحمد السويحلي قائلًا: "ترقية أبناء حفتر تعني أن ليبيا أصبحت ملكية عائلية، ومصر شريك في هذه الجريمة ضد الديمقراطية".
 

استمرار نزيف الديمقراطية
في ظل هذا المشهد، يتضح أن النظام المصري يواصل رهانه على الانقلابات المسلحة كوسيلة لإدارة الملفات الإقليمية، غير آبه بتداعيات ذلك على أمن المنطقة ومستقبل الشعوب.
فبينما يرفع شعارات الاستقرار، يزرع بذور الفوضى عبر دعم أمراء الحرب وتثبيت أنظمة عائلية في بلد مزقته الصراعات، وهو ما يجعل القاهرة شريكًا أساسيًا في كل ما يحدث من كوارث في ليبيا.