أعلنت وزارة الشباب والرياضة بحكومة الانقلاب المصرية عبر الإدارة المركزية لتنمية النشء عن إطلاق دورة تدريبية متخصصة في تعلم كتابة اللغة الهيروغليفية، انطلقت يوم 7 أغسطس 2025 في أكاديمية طيبة على كورنيش النيل، بالتعاون مع مؤسسة يارو للحضارة المصرية.

الهدف الرسمي المعلن؛ تعزيز وعي الشباب بتاريخهم وثقافتهم من خلال تلك اللغة، لكن في ظل الأزمات الاقتصادية والتربوية، يبدو الأمر أولويةً مبالغ بها ومستوية تدليلاً أكثر منه ضرورة عملية.

كما أطلقت حكومة الانقلاب موقعًا إلكترونيًا تفاعليًا لتعليم اللغة الهيروغليفية بمكتبة الإسكندرية يحتوي على قاموس يضم أكثر من 6000 كلمة، ويدعم اللغتين العربية والإنجليزية.

ما هي تفاصيل الدورة التدريبية ؟

  • أعلنت الوزارة، قبل ثلاثة أيام من تنظيم الدورة، «فتح باب التسجيل» في الدورة التدريبية.
  • الدورة بدأت فعليًا يوم 7 أغسطس 2025 في مقر أكاديمية طيبة على طول كورنيش النيل، بالقرب من وسط القاهرة.
  • يشمل المنهج تعلم رسم الحروف الهيروغليفية أحادية وثنائية، النظام العددي المصري القديم، فهم أنماط الكتابة واتجاهاتها، تركيب الجمل، الألقاب الملكية، الرموز المقدسة، وغيرها.
  • الدورة التعليمية تتضمن محاور شاملة مثل تعلم الرسم والقراءة للخط الهيروغليفي وأنواعه، دراسة الأرقام والألقاب الملكية، والضمائر وأدوات النفي والجر بحرفية علمية.
  • يشمل البرنامج ورش عمل للأطفال والبالغين على حد سواء، مع توفير مادة تعليمية إلكترونية متاحة عبر الإنترنت مجانًا.
  • تهدف هذه الخطوة إلى ربط الشباب بالهوية المصرية عبر هذا التراث، بحسب تصريحات مسؤولي وزارة الشباب والمبادرات الثقافية.

في المقابل، يعاني التعليم المصري من مشكلات هيكلية قد تكون أكثر إلحاحًا، فمثلاً معدلات بطالة خريجي الجامعات تجاوزت 36% في 2019 (المعلومات متوفرة حتى 2021)، ونسبة الأمية لا تزال مرتفعة، وإنفاق التعليم العام يشكل حوالي 5.3% من الميزانية.

ويمكن الاستشهاد بالنقد العام لمشاريع "مشغولة بالرموز" في وقت يحتاج الشباب فيه لقواعد لغوية قوية وفرص تعليم حقيقية.

ويفرض هذا التساؤل: لماذا لا تُحوّل الموارد لدعم اللغة العربية، القومية، والتي تواجه ضعفاً في المستوى والمخارج عند كثيرين؟

لماذا يجب الاهتمام باللغة العربية أولاً؟

حين تُقارن قيمة تعلم اللغة الهيروغليفية وهي لغة منتهية الصلاحية لا تؤثر على فرص الشباب المهنية والحياتية اليومية مع ضرورة إتقان اللغة العربية، التي تُعاني في المدارس والإعلام، يبدو التوزيع غير عقلاني، لماذا لا يُركَّز أولاً على:

  • دعم تعليم النحو والصرف العربية؟
  • تحسين مخارج الحروف للميسّرين والمدرّسين، كي لا يتفوّه الأطفال بأخطاء نطقية؟
  • تعزيز المحتوى العربي الرقمي والتعليمية للجمهور، الذي ما زال يعتمد كثيراً على المحتوى الأجنبي؟

ففي حين تُخصص وقتاً لأحرفٍ هيروغليفية ميتة، يُعاني الشباب من ضعف في لغتهم الأساسية وهي التي تفهم بها كتب الدين والعلوم، وتعبر بها عن ذاتهم في الحياة اليومية.

أزمة في الأولويات

لماذا لا نُعلّم شبابنا لغتهم العربية الجميلة أولاً بدلاً من لغة منتهية خلَّفها التاريخ؟

لماذا تُضاعف الدولة جهودها لتعليم "كلمات من حجر" بينما تُهمل دعم أدوات الحياة والوظيفة الحقيقية كاللغة العربية القوية؟

فإطلاق دورة لتعلم الهيروغليفية بتاريخ 7 أغسطس 2025، بينما لا يُعلن عن دعم مماثل لتقوية اللغة العربية، يوحي بأن حكومة الانقلاب منغمسة في رموز "مكرّسة" بالقوة وليس بالحاجة الحقيقية، أولويات مُنحازة إلى الشكل على حساب الجوهر، وإلى الترف القومي على حساب الأساس الذي يبني عليه الشباب مستقبلهم.