في سبتمبر 2020، أعلن حزب النور السلفي عن نتائج انتخابية صادمة بعد خروجه «صفر اليدين» من انتخابات مجلس الشيوخ، حيث لم يفز بأي مقعد—في تحوّل دراماتيكي عن أمجاده السابقة في مجلسي النواب والشورى.
ومع انتخابات الشيوخ الحالية، ووفق ما نشره الدكتور محمد الصغير على منصة "X"، فقد نافس الحزب في 8 دوائر فردية دون تحقيق أي نجاح، ما يكرّس سقوطه السياسي.
وكتب الصغير: "نافس حزب النور البرهامي على ٨ مقاعد فردية في انتخابات مجلس الشيوخ، والنتيجة: لم ينجح أحد!
هذه النتيجة كانت سببًا لمعرفتي بأن انتخابات أُجريت في #مصر،
فهل من أسباب مقنعة تفسر لنا هذا السقوط الذي بلغ آخر القاع؟!"
https://x.com/drassagheer/status/1953245195979432366
ومع تساؤل الصغير، يتساءل آخرون أيضًا:
هل هذا الإخفاق ناتج عن نفور شعبي من حزب يرى البعض أنه فقد المصداقية؟
أم نتيجة اختراق النظام للمعركة الانتخابية؟
أم ترجمة لوضعٍ يُمنع فيه عن الحشد الشعبي أي رأي مستقل أو صوت حر؟
رأيان متضادان: الشعب غير مقتنع أم تزوير النظام؟
الرأي الأول يقول: الشعب وأنصاره فقدوا الإيمان بمشاركة أي تيار إسلامي في ظل حكم السيسي. وقد لاقت التنازلات والتقارب مع السلطة رفضًا شعبيًا واضحًا.
ويبدو أن كثيرًا من جمهور الحزب يعتبر أن مشاركته السياسية، لا سيما خلال ظهوره مع الانقلاب العسكري عام 2013، كانت بمثابة «خيانة للثورة».
أما الرأي الثاني، فيتحدث عن تزوير ممنهج وتهميش انتقائي.
فالحزب حُرم من الترشح ضمن القوائم، وضيّق عليه في المقاعد الفردية، رغم اتصال أمني سابق دفعه للمشاركة—لكن بشروط تضمن تهميشه.
ويصف بعض المراقبين قياداته بأنها آثرت الصمت، خشية المحاكمات أو العزلة السياسية، رغم وجود غضب داخلي.
خلفية سقوط حزب النور: من الخريف الانتخابي إلى الصفر الكامل
عهد 2011–2012: شريك رئيسي
في أول انتخابات برلمانية بعد الثورة، حقق حزب النور نجاحًا كبيرًا، إذ حصل على نحو 21٪ من مقاعد البرلمان، ليكون ثاني أقوى حزب بعد الإخوان المسلمين. وكان له نفوذ فعلي في المشهد السياسي.
الانقلاب ثم الانسحاب (2013)
بعد انقلاب 2013، اقترب الحزب من النظام، بل ووقف إلى جانبه في كثير من المواقف. وقد رأى كثيرون أن هذا الموقف منحه حماية مؤقتة من الدولة، لكنه كلفه جمهورًا كبيرًا وأدخله في عزلة مريرة.
الانحدار الانتخابي المتوالي
في انتخابات 2015، حاول الحزب التكيف، لكنه اكتفى بعدد محدود من المقاعد. أما في 2020، فقد خسر تمامًا: صفر في الشيوخ. كانت أول خسارة انتخابية شاملة له، وكشف التراجع الجماهيري بوضوح.
الحركة المنقسمة داخليًا
لم يخرج الحزب من الأزمة موحدًا. انشق عنه تيار بقيادة عماد عبدالغفار عام 2013 تحت اسم "وطن"، كما أن الصراع الداخلي بين الاتجاه الديني والبراغماتي أضعفه أكثر.
تحليل معطيات الخسارة الانتخابية
1. فقدان القاعدة الشعبية
الجمهور الإسلامي المحافظ رأى أن تماهي الحزب مع الانقلاب، والانخراط في عملية سياسية لا تمثل إرادة الشعب، مثّل خيانة للثورة، وأفقد الحزب هويته كتيار إسلامي مستقل.
2. افتقاد التمثيل في القوائم
الاتصال الأمني الذي سمح له فقط بالمقاعد الفردية دون القوائم، دلّ على نية لتهميشه، وقلّص فرصه للتمثيل البرلماني الفعلي.
3. استراتيجيات عملية وعرقلة سياسية
تحليل صادر عن مؤسسة كارنيغي أشار إلى أن الحزب تحول إلى أداة دعوية، ولم يعد يمثل قوة سياسية ذات إرادة حرة خارج منطق النظام.
4. غياب التحالفات وغموض الرؤية
واجه الحزب عزلة سياسية؛ إذ فقد ثقة التيارات العلمانية، ولم يحظَ بثقة الإسلاميين الذين رأوه متنازلًا ومهادنًا، مما منعه من تشكيل جبهة داعمة.
الخلاصة: حسابات صفرية في معادلة الانقلاب
الشعب صوّت في الاتجاه المعاكس: لا شرعية لمشاركة الإسلاميين في نظام استبدادي.
النظام من جانبه قلّص فرص الحزب وفرض عليه شروطًا تضمن اختفاءه من المشهد.
القيادة قدّمت تنازلات باهظة، دون أن تحصد أي مقابل جماهيري.
النتيجة: صفر مقاعد في الشيوخ... سقوط سياسي مزدوج، ونهاية مرحلة من التاريخ السياسي السلفي.